نلقاكم على " حرية "
العام الماضي، كنا قد انطلقنا بأولى دورات مهرجان Jordan Awards، وكلنا إيمان وثقة بأنّ هذا المهرجان الذي يحمل اسم الأردن، ويُقام على أرضها جامعاً نخبة ً من نجوم وفناني ومثقفي الأردن والعالم العربيّ، هو تماماً ما يليق بتاريخ المملكة، التي تعاقب على أرضها عبر التاريخ حضاراتٌ تركت لنا من الإرث ما نفخر به، وما يحملنا مسؤوليّة الاستمرار بذات الزخم الحضاريّ إن لم يكن أكثر.
وهكذا ، كان الحلم بتقديم حدثٍ ثقافيٍّ فنيّ تفخر به الأردن وفنانوها ومثقفوها، ويصبح قبلة ً سنويّة ً لهم ولأترابهم من الإخوان العرب، ضمن احتفاليّةٍ باهرة تكرّم الفنّ والثقافة كرسالةً إنسانيّةً تقرّب وجهات النظر، وتحمل أجمل وأنبل المعاني : تحتفي بالمبدع العربيّ الذي ارتقى بالصورة والصوت والكلمة واللحن ، وهي مقومات إبداعية ترتقي بالإنسان ثقافة وفكرا وخلودا .
هكذا جذبت أولى دورات Jordan Awards في العام 2010، الأنظار وحققت النجاح المطلوب، لتأخذ هذه الاحتفاليّة مكانها على خارطة التظاهرات الفنيّة والثقافيّة العربيّة، وليزيد إصرارنا على الارتقاء بالحلم نحو الأفضل عاماً بعد عام.
وعلى الرغم من الجهوزيّة التامة استعداداً لاستقبال نجوم العرب ضيوفاً على أرض الأردن وأهلها، ارتأينا في JBC Group " مجموعة قنوات البث الأردنيّة " ضرورة الامتناع عن إقامة حفل مهرجان Jordan Awards للعام الحالي :
ففي زمنٍ يتمّ فيه تكسير أصابع رسام كاريكاتور لاقترافه ممارسة حقّه في التعبير، واقتلاع حنجرة مغنٍّ بوحشيّة ، وهو الذي لم يرتكب من جريرة إلا إن كان التغني بالحريّة والكرامة يستوجب هذا الفعل الإجرامي البشع ، وفي زمن يتم فيه التضييق على فنانين ومثقفين واعتقالهم لأنهم حملوا رسالتهم الإنسانية وانضموا إلى الشعوب التي خرجت إلى الشوارع تهتف وتنادي بإسقاط الطغاة.. في هكذا زمن لا بدّ من الوقوف باحترام للشجعان الذين كسروا طوق الصمت، يقدمون التضحيات، ويتحدون الظلم بصدور عارية، وبصوت حرّ وكلمةٍ حرّة وصورةٍ حرّة متقدة بالعزيمة التي لا تخفت ولا تلين .
من أجل هؤلاء الذين تنتهك حرماتهم يوميا ، وتزهق أرواحهم كلّ حين ، وتسيل دماؤهم طاهرةً كل أوان ، لأجلهم وحدهم لن ترفرف أجنحة " تايكي " حرّةً في سماء المهرجان هذا العام، بل ستكون وسنكون في انتظار نصرهم الكبير بفارغ الصبر وحينها نحلق معا ، ونحتفل معا ..
لقد قرّرت الشعوب العربيّة أنّ تكرّم نفسها وأن تهديها الحريّة والرفعة ، ومن أجل ذلك ، فإن أيّ تكريمٍ وأيّ مهرجانٍ لن يرتقي إلى مستوى هذه التضحيّة وتلكم الغاية ! .
شكراً لكلّ من انتفض من عباءة الذلّ والمهانة، وشكراً لمن يعلموننا اليوم معنى الحريّة والكرامة..
..
لطالما قيل بأنّ الفنّ والثقافة هما ما يشكّل واقع الشعوب، ولكنكم اليوم تغيرون القوالب وتكسرون الأطر لتثبتوا أنّ الشعوب هي من تحرّك الفنّ والثقافة، وتفتح لها الأبواب نحو الآفاق الرحبة ، والجديدة .
عند هذه الآفاق سنلتقي السنة المقبلة إن شاء الله ، ، ليكون عام 2012 عاماً للبدايات السعيدة ، للشعوب الحرّة، والفنٍّ الحرّ.
د. فطين البداد