على مكتب الخصاونة
طرح القاضي عون الخصاونة الأفكار التي يحملها كرئيس للحكومة الجديدة ،وأسهب في الحديث عن شكلها وطولها وعرضها وطبيعة الأشخاص الذين سيختارهم فيها ، وشدد أن تشكيل حكومته يأتي في ظروف دقيقة يعيشها الأردن والمنطقة ، ومن أجل ذلك فإنها ستكون حكومة إصلاحية ذات برنامج وأهداف واضحة ومحددة بمدد زمنية قابلة للسؤال والمحاسبة .
وانطلاقاً من هذا الكلام الجميل ، فإننا نأمل لا بل نطالب الحكومة الجديدة بأن يتحول برنامجها إلى فعل وحقيقة ملموسة على أرض الواقع..
واللافت أننا شهدنا احتجاجات في بعض المناطق بسبب عدم تمثيلها في التوليفة الحكومية .
ولأنني لست من دعاة تثبيط الهمم وإلقاء التهم ، فإني أدعو الإخوة المحتجين إلى التريث وانتظار نتائج إنجازات الحكومة الجديدة قبل أن نحكم عليها ونحاكمها، فالرجل (عون الخصاونة) قد جاء من خلفية قانونية تتمثل بوصفه قاضٍيا في محكمة العدل الدولية، وهذه الخلفية وهذا الموقع أهم ما يمثلانه العدالة والقانون ، ولابد لهذه العدالة من أن تنعكس على أهداف حكومته المُكلفة التي تسعى إلى الاصلاح ومحاربة الفساد ، وهو ما دأبنا نطالب به وندعو إليه لكن دون أن نلقى رداً على نداءاتنا أو نسمع صدى لأصواتنا..
عزيزي دولة الرئيس : إن من واجبي - كمواطن أردني - أن أعيد وأكرر على مسامعكم نداء الإصلاح ، وأنا واثقٌ أنكم سمعتموه كثيراً وستسمعونه أكثر في الأيام القادمة، لأن نسبة كبيرة من الشعب الأردني تنتظر وتنتظر حتى ملت الإنتظار ، وهي من تعاني الفقر والبطالة والإحباط ...هي من تدفع العجز في الموازنة وهي من ستدفع الديون وفوائدها التي تجاوزت الـ١٦ مليار دينار ...
وعليه يا دولة الرئيس ، فإن هناك تحديات اقتصادية ً جمة واجب عليكم وعلى حكومتكم العمل من أجل التصدي لها والتغلب عليها وتعزيز دور الطبقة الوسطى ومعالجة مشكلتي الفقر والبطالة ، لأن من أُولى حقوق المواطن على دولته وحكومته أن تؤمن به وبقدراته ومؤهلاته العلمية والعملية فتحتضنه وتُؤمن له العمل الذي يناسبه ، لا أن ترميه في طوابير الانتظار آملاً متأملاً بفرصة العمل التي سيبني بها مستقبله والتي – للأسف - ينالها - الآن - من لا يستحقها بفعل المحسوبية والوساط وقلة الدين .
إن الشعب الأردني هو من يدفع ثمن أخطاء الحكومات السابقة وعثرات من كانوا في موقع المسؤولية، بينما هذا المسؤول وأقرباؤه وأصدقاؤه والمستفيدون منه ينعمون هانئين في منازلهم يستمتعون بقطف ثمار تجاوزاتهم ومخالفاتهم دون أدنى تنغيص أو محاسبة أو محاكمة.
إن الشعب الأردني يطالبكم يا دولة الرئيس ، وأنت رجل قانون وعدالة، بمحاكمات علنية لهؤلاء الفاسدين المفسدين في الأرض كي ينالوا قصاصهم العادل، لأن ذلك يشد من أزر المواطن ويشعره بأنه شريك في الوطن وفي المسؤولية ، وأن كل من يتجرأ على المال العام تتم محاسبته ويلقى عقابه .
إن الأردن لا تقتصر على العاصمة ولا على حدود أمانة عمان الكبرى التي تحظى بكل المكاسب والامكانيات والامتيازات، ولذلك يجب أن يكون هناك توزيع عادل للموارد الوطنية على كافة المحافظات الأردنية ، وإقامة المشاريع الإنتاجية الحقيقية فيها بتشجيع الاستثمار وتوفير كافة التسهيلات اللازمة للمستثمر وفق خطط منهجية واضحة دون ارتباك أو تباطؤ أو محسوبية من أي جهة مسؤولة لعرقلة عمل المستثمرين وتعطيل مشاريعهم ، مما يعود بالضرر على الوطن وعليهم وعلى احتياجات الطبقة الفقيرة في تلك المناطق التي تخسر - بالتالي – فرصة تشغيل عاطليها وإنشاء بناها التحتية الأساسية .
إن الأردن وطنٌ يتسع لجميع مواطنيه الذين لهم ولأبنائهم الحق في العيش فيه حياة حرة عادلة كريمة، لم يكن ولن يكون ولا يجب أن ينظر إليه من قبل البعض - ممن هم في موقع المسؤولية والسلطة - على أنه شركة ورثها عن أبيه .
سيدي الرئيس :
أمامكم مسؤولية كبرى وعلى عاتقكم وعاتق فريقكم الوزاري الجديد تحديات عظيمة أهمها : إعادة بناء ثقة المواطن الأردني في حكومته ، فلا وعود برّاقة وحلول سحرية دون فعل وعمل ونتائج يتلمسها المواطن في حياته.
إن هناك إرادة سياسية عليا لإجراء اصلاح شامل ، وهي دعوة لا تقنصر على الاصلاح السياسي فقط ، بل وتشمل الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي وغيرهما .
هذا هو هم ّ المواطن الأردني وهاجسه وحلمه وأمله ، ونأمل أن تكونوا – دولة الرئيس – قوامين بالقسط بين الناس كما أمر الله أولا ، وكما أمركم سيد البلاد ثانيا وعاشرا .
د. فطين البداد