هل يستوعب الأسد وصالح الدرس ؟
عشرات القتلى وعشرات الجرحى في جمعة ١١-١١-٢٠١١ : جمعة (تجميد العضوية) التي طالب بها السوريون جامعة الدول العربية وخرجوا من أجل ذلك بمظاهرات عارمة عمت معظم المدن والأرياف ، وتأطرت المطالب بالتجميد أولا ، ومن بعد : الإعتراف بالمجلس الوطني السوري كممثل شرعي ووحيد ، ويأتي ذلك كله بعد مبادرة الجامعة العربية التي دعت سوريا إلى الالتزام ببنودها المتمثلة بالإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين وسحب الآليات العسكرية من المدن والشوارع السورية وإيقاف آلة القتل ضد الشعب الأعزل وحمايته ، ليتم - بناءً على ذلك - الدعوة إلى إجراء حوار بين السلطة والمعارضة بغية التوصل إلى حل للأزمة مع التذكير بأن الحوار مرفوض قطعيا من قبل الشارع السوري المنتفض لأنه : " لا حوار مع القتلة " .
وعلى الرغم من تعهد النظام السوري بتنفيذ كافة بنود هذه المبادرة إلا أننا مازلنا نشهد يومياً لفه ودورانه وإراقته لدماء الشعب خاصة في مدينة حمص التي تحوّلت إلى ساحة حرب حقيقية غير متكافئة ومن طرف واحد ضد طرف أعزل إلا من الصبر والإرادة والأمل بالنصر القريب .
ما يجري حالياً في حمص هو حرب ظالمة بين نظام الأسد بقضه وقضيضه ووحشيته التي فاقت كل وحشية ، وبين شعب أعزل مصر على النصر ، مهما كلفه ذلك من تضحيات جسام ، وهي التضحيات التي دعت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان إلى اتهام النظام السوري "بارتكاب جرائم ضد الإنسانية " حيث قالت في تقريرها الأخير : " إن قوات الحكومة السورية قتلت١٠٤ أشخاص على الأقل وارتكبت جرائم ضد الإنسانية في حمص منذ الاتفاق على الخطة العربية " .
وسط هذه المطالب والتقارير التي تدين وحشية وقسوة ودموية النظام السوري، نتابع مفارقة عجيبة على القناة الفضائية السورية مفادها : " مطالبة الحكومة السورية الأمم المتحدة بفرض قرارات تدين اسرائيل وتدعوها إلى احترام بنود اتفاقية جنيف التي تنص على حماية المدنيين السوريين في الجولان والحفاظ على الهوية السورية انطلاقاً من تمسك سوريا بمبدأ السلام العادل والشامل.. " وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى استخفاف السلطة في سوريا بالدم السوري وبعقل وقيمة المواطن السوري بشكل خاص والمواطن العربي بشكل عام، أو على مدى عمى الألوان " الإختياري " لدى النظام .
طوق النجاة الذي تلقاه النظام في سوريا تلقاه النظام في اليمن ، وإن بصورة مختلفة قليلا ، بعد دخول مجلس الأمن على الخط ، غير أن المشهد يكاد يكون واحدا من حيث القتل وإصرار نظام صالح على اللامبالاة تجاه إرادة اليمنيين وخياراتهم ، حيث شهدنا في الجمعة الماضية التي حملت شعار (لا حصانة للقتلة) .. " التي يرفض فيها الشعب اليمني تأمين الحصانة لمن تلوثت يداه بدماء أبنائهم " استشهاد ١٥ مواطنا في ساحة الحرية في تعز وحدها .
في جمعة (لا حصانة للقتلة) كنا جميعاً شهود عيان على صورة لن تُُمحى من الذاكرة وهي سقوط قذيفة بالقرب من ساحة الحرية في تعز أدت إلى وقوع ضحايا في صفوف نساء كن يحاولن الوصول إلى الساحة لمشاركة إخوانهن وأخواتهن في الصلاة والتظاهر ضمن سلسلة التجمعات التي دعت إليها قوى "شباب الثورة السلمية " هذا الشباب الذي أذهل العالم بتصرفه الحضاري : فرغم أنه يمتلك ٧٠ مليون قطعة سلاح إلأ أنه ما زال مصرا على سلمية ثورته .
إن كلا النظامين - اليمني والسوري - يتعاملان مع المبادرات العربية باستخفاف، رغم أن الجامعة العربية - وبعد اجتماع لوزراء الخارجية واللجنة الوزارية في مقرها في القاهرة - أصدرت قرار تعليق لعضوية دمشق وطالبت الجيش السوري بوقف عمليات القتل ضد الشعب ومجموعة أخرى من المطالبات التي اعتبرها التلفزيون السوري غير قانونية وخرقا لميثاق الجامعة.
كلا الرئيسين : - اليمني والسوري - لم يتعظا من النهايات الوخيمة التي انتهى إليها زعماء عرب من قبلهما بدءاً من الرئيس التونسي زين العابدين بن علي مروراً بالرئيس المصري حسني مبارك وإنتهاءً بـ " الزعيم " الليبي معمر القذافي..
ألا يجدر بالإثنين أن يستوعبا الدرس ؟؟ ..
إن عليهما الإذعان لإرادة الشعب قبل فوات الأوان ، والندم حيث لا ينفع الندم ، لأن الشعب هو الباقي ، وهو المنتصر أبدا .
د. فطين البداد