لا غالب إلا إرادة الشعوب ولا سيادة إلا لسلطتها

تم نشره السبت 19 تشرين الثّاني / نوفمبر 2011 11:42 مساءً
لا غالب إلا إرادة الشعوب ولا سيادة إلا لسلطتها

استقبل ميدان التحرير - الجمعة الماضية - تظاهرة مليونية جديدة لإعلان رفض التفاوض مع السلطة الحاكمة بشأن "وثيقة المبادئ الدستورية " باعتبارها التفافاً على التعديلات التي أقرت إجراء الانتخابات قبل وضع دستور جديد للبلاد، كما دعت قوى ثورية إلى إجراء انتخابات لتسمية أعضاء المجلس الانتقالي الرئاسي ليحل بديلاً عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة .

كل ذلك جرى وسط أجواء من الجدل الواسع بين القوى والأحزاب الثورية المختلفة في مصر والسلطة الحاكمة بين مؤيد ومعارض وبين مد ّ وجـَزر حول هذه الوثيقة وهذه التظاهرة التي تنادي بعدم الالتفاف على مطالب ثورة ٢٥ يناير التي نجحت بخلع مبارك وتقديمه للمحاكمة، في حين لا زال كثير من أعوانه وأعضاء حزبه في التيار الوطني متواجدين في الحكم ويتعاطون العمل السياسي مما يعتبره المعتصمون خطرا محدقا بالثورة وأهدافها .

رأى البعض في تحديد مبادئ حاكمة للدستور أو " مبادئ فوق دستورية " نوعاً من الإستهتار بالشعب ومحاولة لمصادرة إرادته ، مع انه الجهة التي يُفترض أن تكون لها الكلمة العليا في وضع الدستور عبر لجنة ينتخبها نوابه ، في حين يرى آخرون في مثل هذه الوثيقة ضمانة لعدم هيمنة من سيفوز في الانتخابات المقبلة على عملية وضع الدستور برمته .

لقد كان هذا التجمع الحاشد الذي شهده ميدان التحرير في جمعة ١٨ – ١١- ٢٠١١ ، وما صحبه من تجاذب في الرأي ، دليلا على بوادر العمل وفق إرادة الشعب المصري الحر الذي يعتريه خوف كبير من سيطرة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على الحكم، ومن مدى إنتماء وولاء قائده المشير حسين الطنطاوي للرئيس المخلوع ، حيث نادت الحشود بحناجر مدوية : بانتهاء الحكم العسكري والانتقال إلى دولة مدنية ديمقراطية ، كون هذا الأمر هو أحد أهم أولويات الثورة التي بذل المصريون فيها الغالي والنفيس وقدموا الشهداء تلو الشهداء من أجل مبادئ ثورتهم المعنونة : بالحرية والكرامة وبناء دولة مصر الحديثة المدنية الديمقراطية، ولأجل ذلك فإن المصريين لن يقبلوا باستلاب الثورة أو تحييدها أو تغيير مسارها .

لقد تبدى بكل جلاء قصدية الإلتفاف على الثورة من خلال الوثيقة التي تعطي في المادتين التاسعة والعاشرة منها قيادة الجيش - وحدها - سلطة تحديد ميزانية القوات المسلحة ومعرفة تفاصيلها، إضافة إلى مواد أخرى تتيح لها فرض الرقابة على وسائل الإعلام تأكيداً على هيمنة العسكر في المرحلة القادمة.

إن الشعب المصري الذي تعرض للقمع والمعاناة والتشرد والفقر والبطالة سوف لن يرضى بأن يكون مجرد حجر شطرنج يتم تحريكه واللعب به وفق أهواء السياسيين ممن هم في الحكم، أو وفق أهواء العسكر ، وأن يتم إقصاءه عن المشاركة في وضع سياسات بلده التي تضمن له مواطنته الحقيقية وحريته وكرامته ، وبالتالي فإنه رفض وسيرفض أي وثيقة تسلبه سيادته وحريته وتكرس ديكتاتورية ً تمثل انقلاباً على مبادئ وأهداف ثورة ٢٥ يناير المباركة .

الشعب المصري سوف لن يرضى أن تؤكل حقوقه مرة أخرى لثلاثين سنة قادمة..

يريد أن ينجز ما هو في صالحه وصالح مصر .

لن يسمح بالانجرار وراء الدسائس والألاعيب السياسية التي باتت مفضوحة واضحة أمامه، كما لن يسمح بأن يُدار من خلف الستار عبر المؤسسة العسكرية أو أي مؤسسة أخرى لا تحظى بالإجماع من الشعب عبر انتخابات حرة نزيهة ومستقلة.


الشعب المصري اليوم في موقع المشاركة في صنع القرار وفي صنع الحياة ويحمل أمانة ومسؤولية حماية أهداف ثورته العظيمة من أن لا يمسسها أي نظام بسوء ، مهما كانت صوره وألوانه.
.

لقد خاض معركته من أجل الحرية والكرامة ، وأقسم على الدفاع عنها وعلى حمايتها ، وما الدستور بالنسبة له إلا الوثيقة أو بالمعنى الأصح " العقد " الذي ستتحدد - من خلاله - ملامح مصر التي يحلم بها كل المصريين .

وحده الشعب المصري سيكتب دستوره بيده ، ولن يسمح لأحد بكتابته نيابة عنه ، ووحده من سيقر أو يرفض هذا الدستور ، فقد علمنا الربيع العربي أن : لا غالب إلا إرادة الشعوب ، وأن لا سيادة إلا لسلطتها .

د. فطين البداد       

fateen@jbcgroup.tv

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات