روح الاتحاد
تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة هذه الأيام بعيدها الأربعين تحت شعار "روح الاتحاد " المستوحى من يوم تأسيس الاتحاد في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول من العام ١٩٧١ : إذ إن الشعار التصميمي لهذا اليوم الوطني يبرز اللقاء التاريخي للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله مع إخوانه حكام الامارات ورفع علم الدولة شامخاً إيذاناً بقيام دولة الامارات العربية المتحدة .
ولعليّ اذ أكتب عن هذه المناسبة ، وفي هذه المرحلة بالذات فلأنني عشت وعايشت هذا الاتحاد وهذا التطور لدولة الامارات العربية المتحدة منذ بداية تأسيسها ونهضتها ، وصولاً إلى الانجازات العظيمة والنجاحات المتوالية التي يشهد لها العالم كله اليوم..
فنحن - مجموعة البداد - لم نكن فقط شهوداً على نهضة وتطور وتقدم وازدهار هذا البلد المعطاء، الذي قدم لأبنائه - كما لكل إنسان وطأت قدماه هذه الأرض - الحضن الدافئ والقاعدة الصلبة للحلم والعمل والإنجاز، فكنا جزءاً من هذا الإنجاز وهذه المسيرة وكان الاتحاد شاهداً على تأسيس شركة البداد في أبو ظبي على يد الوالد الحاج حسين البداد رحمه الله في العام ١٩٧١ وهو العام نفسه الذي أقدمت فيه الامارات السبعة في منطقة الخليج على خطوة الإتحاد فيما بينها لتسطّر بذلك تاريخاً عظيماً وكنزاً يستحق الوقوف عنده وليصبح هذا الجسد الواحد منارةً بين الأمم يُعتد بها ويستنار بها وبنهجها .
إن هذا الاتحاد هو مثالٌ يُفتخر به وقدوة يحتذى بها : فقد حول حكام الإمارات بلادهم بقيادة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وبفضل إرادتهم وعزيمتهم واهتمامهم بالأصالة والتاريخ الغني للدولة ، وكذلك بالتراث والثقافة المحلية، وبفضل بـُعد رؤيتهم وإيمانهم بالتطوير والوصول إلى العالمية، حوّلوا الامارات إلى بلد يُشار إليه بالبنان ويفخر ويعتز به أبناؤه والمقيمون فيه..
لقد سعى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بكل جهد وإصرار إلى بناء دولة الامارات العربية المتحدة بأيدي أبنائها ، فكان التعليم أولى أولوياته الذي أعطاه اهتمامه الخاص ، فتم وضع البرامج والاستراتيجيات التعليمية واستقدام أحدث المناهج ورفع المستوى التعليمي والثقافي لتضم دولة الامارات العربية المتحدة اليوم أهم المدارس ودور العلم والجامعات العالمية التي يؤمها الطلبة من كل مكان في العالم.
وكما نهضوا بالعلم والتعليم ، كذلك فقد أعطوا الجانب الصحي أهمية خاصة من خلال وضع برامج لدراسة المشكلات الصحية والطبية العامة ووسائل علاجها، وتحقيق الرعاية الصحية والاجتماعية فبنوا المستشفيات والمراكز العلاجية وجهزوّها بأحدث التجهيزات الطبية واستعانوا بأهم الخبرات في هذا المجال لتغدو الامارات من أهم دول العالم في الاستطباب والعلاج.
ولم يقتصر الإنجاز التاريخي لهذا البلد على هذين المجالين بل تعداه ليشمل كل مرافق الحياة الأخرى فتصبح الامارات العربية المتحدة قبلة العالم في الإنجاز والتطوير.
إن إلقاء نظرة واحدة على أرشيف الامارات والعودة بذاكرة الزمن من خلال صور " الأبيض والأسود " : إلى البدايات، ورؤية ومعايشة ما حققته هذه الدولة حتى اليوم : لهو أكبر دليل على حقيقة وعظمة هذا الإنجاز الخارق الذي حققته قيادةٌ حكيمة وشعبٌ التف حول قيادته وصنع بإرادته وطناً هو اليوم منارةً لكل دول العالم، ورفع علمه عالياً بين الأمم، فغدى الاحتفال بالعيد الوطني الأربعين هو احتفالا بقيام دولة وإرادة شعب ورفعة وطن.
لقد استطاعت دولة الامارات العربية المتحدة أن تحتضن أبناءها وكل من جاءها طلباً للعمل والنجاح، فقدمت الإمكانيات والفرص والتسهيلات لتطوير أبنائها والمقيمين فيها وهو أمر من شأنه أن يكون خطوة في تقدمها ونجاحها وتطويرها لأنها آمنت - منذ البداية - بأن الوطن لا ينمو ويزدهر إلا بأبنائه ولا يحقق الرفعة والمكانة العالية بدون إرادة وتصميم وإصرار هؤلاء الأبناء في الوصول إلى القمة.
إن هذا الاتحاد لم يأتِ من فراغ، بل كان ثمرة جهود جبارة وعمل متواصل قام به مؤسسها الأول الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله بمساعدة وعزيمة إخوانه حكام الامارات الذين غدوا مصدر قوة وعز ومجد ، وها هي الامارات موضع احترام جميع دول العالم بكيانها ووحدتها الفريدة.
فليكن هدفنا إذاً ودعوتنا الدائمة إلى التمسك بمفهوم الأخوة والوحدة، وما أحوجنا إليهما اليوم، ولنعمل وفق ما خرجت تنادي به شعوبنا العربية بالحرية والكرامة بسلمية ووحدة وطنية، ولنكن جميعاً صفاً واحداً وإرادة واحدة في سبيل نصرة الحق العربي في كل جزء من أجزاء وطننا الكبير .
في هذه المناسبة التاريخية أتقدم باسمي وباسم مجموعة البداد بأسمى آيات التهاني والتبريكات لدولة الامارات العربية المتحدة قيادة وشعباً متمنياً أن يديم الله عليها نعمة الاتحاد والرخاء ويزيدها قوة ووحدة وألفة ونماء.
د. فطين البداد
