كيف نكون أصدقاء لسوريا ؟
جاء البيان الختامي الذي أصدره من يدعون أنفسهم (أصدقاء الشعب السوري) مثاراً للسخرية ومخيباً لآمال وتوقعات الجميع وأولهم وعلى رأسهم بالطبع (الشعب السوري الشقيق) الذي هو وحده من يدفع الفاتورة يومياً من دماء وأرواح أبنائه - شهداء الحرية والكرامة -.
كنا نترقب وبآمال عظيمة نتائج هذا المؤتمر الذي استضافته تونس الخضراء- أولى الدول العربية التي استطاعت نيل حريتها وحققت انتصارا لثورتها وتعمل اليوم على بناء ديمقراطيتها - والذي جمع ٧٠ دولة ومنظمة دولية وإقليمية..
إلا أن ما شهدناه وسمعناه على لسان الدكتور رفيق عبد السلام وزير خارجية تونس وهو يقرأ البيان الختامي للمؤتمر لم يتعدَّ كونه مجرد استهلاك لنفس الكلام والمطالب المكررة التي سمعناها مرات عديدة في المؤتمرات المتعددة التي عُقدت من أجل الأزمة في سوريا بدءًا من اسطنبول لباريس لواشنطن للقاهرة..
كلامٌ ملت الآذان من سماعه وآن الآوان ليترجم أفعالاً ملموسة على أرض الواقع.
إن ما قاله وزير الخارجية التونسي، الذي ما فتئ يلقن المعارضة السورية دروساً في النضال والوطنية والعمل السياسي، إنما يتضمن - في معناه - أن لا ينتظر الشعب السوري من العالم المعجزات، وهو ما يعد بحد ذاته خرقاً لأهداف هذا المؤتمر الذي أطلق على نفسه اسم (أصدقاء الشعب السوري) وإذ به يطلب من أصدقائه عدم توقع الكثير وعدم انتظار المساعدة من أجل حقن دمائهم وحماية أبنائهم وتخليصهم من العنف والقصف الوحشي الذي يتعرضون له يومياً.. عنفٌ أقل ما يمكن أن يقال عنه : إنه يرقى لجرائم ضد الإنسانية.
هو حقدٌ وثأر للنظام السوري ضد شعبه الذي خرج عن صمته وخوفه فما كان من هذا النظام إلا أن شحذ كافة عدته وعتاده من أجل القضاء عليه صلفا وتشبثا بكرسي الحكم حتى ولو على الأشلاء.
لقد أخفق مجلس الأمن باتخاذ قرارٍ يندد بالعنف الممارس ضد السوريين ، جراء الفيتو المزدوج ، ولعلَّ في دعوة مؤتمر ( أصدقاء الشعب السوري) لكل من روسيا والصين لحضور المؤتمر ثم رفضهما الدعوة هو أكبر إشارة لما كان سيتمخض عن هذا المؤتمر من نتائج .
..
لقد أخفق مؤتمر (أصدقاء الشعب السوري) في تحقيق تطلعات الشعب السوري والعربي ، لا بل كان دافعاً إضافيا للنظام ليقوم بمزيد من القتل والهروب إلى الأمام .
لقد بات واضحاً للجميع أن المجتمع الدولي لا ينتهج خطا واحدا لأسباب إقليمية وداخلية لم تعد تخفى على المراقب رغم ما نسمع من تصريحات " حامية " النبرة ، مُطفأة الوَهَج .
إن الصداقة الحقيقية للشعب السوري لا تكون بعقد المؤتمرات والاجتماعات ، بل بالمواقف العملية الفورية .. ولعلَّ الأطباء والممرضين الأردنيين الذين وقفوا على الحدود مع سوريا مطالبين بالسماح لهم بالدخول لعلاج المرضى والجرحى ، هم وأشباههم " أصدقاء للشعب السوري " وليس من يتنحنح ليقول " شعرا " في الدماء النازفة من داخل قاعة تضج بالعطور الفرنسية .
د. فطين البداد