الفساد

تم نشره السبت 10 آذار / مارس 2012 09:29 مساءً
الفساد

كلما أردت الكتابة في الشأن الأردني أجد ملف الفساد يتصدر قائمة العناوين التي تفرض نفسها :


فالفساد أساس كل ما يعانيه الأردن والأردنيون اليوم من عجز في الموازنة وغلاء في المعيشة وارتفاع في الأسعار والضرائب وازدياد في معدل الفقر ونسبة البطالة.. وبسبب الفساد ورموزه تصل اليوم مديونية الأردن إلى مليارات صعبة ، ويصل غليان الناس في الشارع إلى حده الأقصى، فنشهد حراكاً شعبياً واسعاً على مستوى المملكة ونشهد مسيرات عارمة غاضبة تخرج منادية بمحاربة الفساد ومكافحة الفاسدين.

وتتجند وسائل الاعلام كافة للحديث عن الفساد والمفسدين وفتح ملفاتهم وتسليط الضوء على أهم القضايا المرفوعة ضدهم مثل الإختلاس والرشوة واستغلال الوظيفة وغيرها لتصبح محاكمتهم قضية رأي عام بامتياز بعد أن باع بعضهم مقدرات الوطن إلى القطاع الخاص.. ( أنا هنا لست ضد الخصخصة ولكن يجب على هذه الخصخصة أن تحقق المصلحة المشتركة لكلا الطرفين " البائع والمشتري " والمقصود هنا أملاك الدولة الأردنية وأموالها العامة ) ولذلك فإنه يجب عدم التهاون وعدم الاستهتار بثروات البلد .

 

إن هذه النداءات المحقة قد لاقت، وبعد طول زمن، آذاناً صاغية لدى الحكومة مما دعا إلى تشكيل الحملة الوطنية الشعبية والرسمية لمكافحة الفساد بهدف تحقيق العدالة ومحاسبة الفاسدين وإعادة أموال الدولة إلى خزينتها وإيقاف تنامي الفساد، وقد بدأنا فعلا نشهد نتائج هذه الحملة أفعالاً ملموسة على الأرض حيث شملت اعتقال مجموعة من الأسماء البارزة المتورطة في قضايا فساد من أصحاب النفوذ والمناصب السياسية.

 

لكن كثيرين يرون – بسبب أمثلة عدة - أن أي اعتقال لفاسد ليس سوى ( حبة مهدئ ) لتخدير الشارع الغاضب : فبعد أن أطاحت هذه الحملة بأسماء كبيرة بدأت تظهر على الساحة حملات من نوع آخر وهي : تشكيل لجان شعبية من أهل وعشيرة هذا المسؤول أو ذاك تطالب بالإفراج عنه وتكفيله لحين الانتهاء من اجراءات محاكمته ، وشهدنا إقامة مقرات عائلية " احتجاجية " مقابل منزل المسؤول المتورط وبلدته أو مدينته وشهدنا – كذلك - اعتصامات ومسيرات داعمة له تطالب بإطلاقه ، ومن ثم يأتي الافراج عنه مقابل كفالة مالية فيستقبل " المحروس " استقبال الفاتحين وسط إطلاق العيارات النارية وذبح الذبائح وتوزيع المشارب على الناس ، بينما المحاكمة لم تنتهِ ولم يتم النطق بالحكم بعد وأنا هنا أتحدث بالعموم ولا أخصص . ! .

 

بعد ذلك تغيب وسائل الاعلام عن ذكر أي خبر أو معلومة تتعلق بمحاكمة المسؤول الفلاني رغم أنها رصدت وحرّضت ولعبت سابقاً دوراً فعالاً في كشف الخبايا وتوضيح الخفايا ، وهي معذورة في هذا الجانب كون القانون يمنعها من تناول أي قضية منظورة أمام القضاء ، وهذا أمر آخر في سلسلة أمور قانونية يجب تعديلها بتوافق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية .

 


وليت الأمر توقف عند عدم متابعة الحكومة لعملها والاعلام لدوره – مكرها - في استكمال محاسبة ومحاكمة هذه الأسماء الرنانة، بل إننا نشهد صمتاً كاملاً تجاه مساءلة مسؤولين آخرين متورطين بشبهات فساد ولكأن الأسماء " الأولى " لم تكن سوى قرابين في محفل الفساد ، ولعل ذلك يعود لقوة هؤلاء الإجتماعية أو نفوذهم السياسي.

 

لا أريد أن يُفهم من مقالي هنا أنني أدين من يقف إلى جانب عائلته وأهله وناسه، فكلنا نحب وندعم أبناءنا حتى ولو أخطأوا.. لكنني بصدد التذكير بقول لجلالة الملك عبد الله الثاني عندما قال : (الأردن أولاً )

فليكن الأردن في أولى اهتماماتنا وليكن استقراره ونموه وتطوره وازدهاره غايتنا وهدفنا، وليكن الولاء للأردن الوطن والأم والأب والابن هو أولاً وأخيراً .

 

د. فطين البداد       

fateen@jbcgroup.tv

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات