محمد مراح ضحية من ؟
" محمد مراح " اسم آخر يُضاف إلى قائمة المتطرفين الشباب الذين لن يتوانوا عن التضحية بحياتهم ومستقبلهم بسبب أفكار مسمومة تشربتها عقولهم فانطبعت فيها صور الجنة والخلود والحور العين .
هو شاب فرنسي من أصول جزائرية يبلغ من العمر ٢٣ عاماً يعيش في تولوز جنوبي غربي فرنسا ويعمل في صيانة السيارات.. قام الأسبوع الماضي بعملية مسلحة ذهب ضحيتها سبعة أشخاص.
أمضى هذا الشاب وقتاً طويلاً على الحدود بين أفغانستان وباكستان حيث تلقى تدريبه هناك ، وهذا أمر بات معروفا لدى كثيرين تابعوا فصولا من حياته أكثر من مرة وعبر مختلف وسائل الإعلام العالمية .. لكن القليلين يعرفون لماذا انتهج محمد هذا النهج وهذا الطريق ..
تـُرى : ما الذي دفع بشاب لم يتجاوز الـ ٢٥ من عمره وغيره أيضاً من الشباب إلى الإقدام على مثل هذا الفعل الدموي بإنهاء حياته وحياة الآخرين ؟ ..
ما هي القناعات التي يحملها ؟ ..
ضمن أي بيئة وتحت أي ظرف نشأ ؟..
كيف وجد طريقه إلى الجماعات العبثية المتطرفة ؟ وكيف وصلت هي إليه؟ ..
إن علينا - كآباء ومجتمعات وحكومات ومؤسسات عربية وإسلامية -البحث عن إجابات عن هذه الأسئلة وغيرها حتى نمنع شباباً بعمر الورد من التورط في عمليات كهذه تحت مسمى الإسلام وتحت عنوان الجهاد..
علينا أن لا نلوم هؤلاء الشباب ولا نحملهم أعباءً وضغوطات نحن أساساً من وضعناهم تحت ثقلها :
لو فكرنا قليلاً فسنجد أن ما وصل إليه شبابنا من يأس ودمار نفسي ما هو إلا نتيجة لأخطائنا وأخطاء حكوماتنا في فرض واقع بائس جعل من هؤلاء الشباب لقمةً سائغة للمشعوذين الذين يتخذون من الدين عباءة يخفون تحتها مطامع وأغراضا مجنونة فيتخذون من هؤلاء الشباب وسيلة لتنفيذ هذه المطامع والغايات، والأديان كلها براء منهم ومن أفعالهم وطريقة إيمانهم.
لقد أبلغ محمد مراح مفاوضيه من الشرطة أثناء محاولتهم إلقاء القبض عليه أنه نفذ هجماته انتقاماً لمقتل أطفال فلسطين وبسبب مشاركة الجيش الفرنسي في الحرب في أفغانستان وأيضاً بسبب حظر النقاب في فرنسا .
في هذا الوقت الذي يُقدم فيه هذا الشاب على فعلٍ جنوني وهو القتل من أجل (وبحسب تعبير مراح) القضية الفلسطينية وأطفال فلسطين، تنتفض إسرائيل ضد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي أصدر قراراً بإرسال لجنة تقصي حقائق أممية للإطلاع على مدى التزام الحكومة الاسرائيلية واحترامها لمبادئ حقوق الإنسان.
وتصمُّ حكوماتنا العربية آذانها عن الاستماع لمطالب شعوبها وشبابها الذي يعيش واقعاً بائساً من فقر وبطالة وتهجير مما يجعلهم يشعرون باللا جدوى فيدفعهم هذا الشعور إلى الإنحراف والانجراف وراء التطرف الذي يجدون فيه ملاذاً وحاضنة مثالية لشباب قوي في بدنه ونفسه وطموحه ، ولكنه ضعيف في إمكاناته وخياراته فيضطر لاختيار الدم والعنف والإقصاء وتكفير الآخر .
هذا الشباب ليس ضحية نفسه ، هو ضحيتنا نحن أفراداً ومؤسسات وحكومات .
هكذا نقرأ الحدث في حال صدقت الرواية الفرنسية .
د. فطين البداد