انتخابات الرئاسة المصرية
هناك أزمة حقيقية في مصر اليوم حيث تعاني من وضع ملتبس وضبابي وهي تخوض الترشح للانتخابات الرئاسية لعام ٢٠١٢ والتي تعد ثاني انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ مصر، وأول انتخابات رئاسية بعد ثورة ٢٥ يناير والتي من المقرر إقامة الجولة الأولى منها يومي ٢٣ و٢٤ مايو/ أيار من عام ٢٠١٢ طبقاً لما أعلنته اللجنة العليا للانتخابات ، بعد استجابة المجلس الأعلى للقوات المسلحة لنقل السلطة جراء المظاهرات العارمة التي عمت مصر تطالب بنقل السلطة من الحكم العسكري إلى حكم مدني تعددي ديموقراطي..
وعلى الرغم من تعدد أسماء المرشحين واختلاف انتماءاتهم وأحزابهم ، لكن المواجهة الكبيرة قد تحولت في الآونة الأخيرة لتكون بين جماعة الإخوان المسلمين التي تخوض الانتخابات بالمرشحين : المهندس خيرت الشاطر الرجل الثاني بالجماعة والذي يواجه حكما قضائيا ، ولذلك تم ترشيح مرشح آخر هو حازم أبو اسماعيل الذي واجه هو الآخر معركة جنسية والدته، والدكتور محمد مرسي رئيس حزب "الحرية والعدالة " الذراع السياسي للإخوان من جهة، وبين رئيس جهاز الاستخبارات ونائب رئيس الجمهورية السابق اللواء عمر سليمان الذي، وبحسب قوله، "يريد إنقاذ البلاد من الفوضى " من جهة أخرى.. ( رشحت أنباء مساء السبت عن استبعاد عمر سليمان والشاطر وابو اسماعيل ) .
إن ترشح هذين الفريقين للانتخابات الرئاسية المصرية القادمة هو انقضاض على الثورة وخرق لأهدافها. ثورة ٢٥ يناير التي قام بها الشباب المصري ضد الفقر والظلم والاستغلال مطالباً بالكرامة والعدالة والديموقراطية..
فما الذي تعنيه إذن هذه المحاولات من فرضٍ لبعض رموز النظام السابق الذين أسقطهم الشعب المصري في ثورته، ومحاولة إعادة تصدير هؤلاء للساحة السياسية، فكأنه، الشعب المصري، لم يقم بثورة وكأنه لم يحدث تغييراً..
وأما جماعة الإخوان المسلمين التي عقدت مسبقاً صفقة غير مكتوبة مع المجلس العسكري للمساعدة في فوز مرشحهم بعد أن أعلنوا مراراً عن التزامهم بجميع الاتفاقات الموقعة مسبقاً وخصوصاً اتفاقية كامب ديفيد، فهي تعلن احتجاجها الآن على ترشح عمر سليمان لأنها ترى أنه سيقطع الطريق عليها ويكون بديلاً عنها .
وبسبب أنصار الإخوان المسلمين وتحديداً أنصار المرشح حازم أبو اسماعيل، تعلق اللجنة العليا للانتخابات أعمالها إذ تجمع هؤلاء الأنصار أمام مقر اللجنة مؤخراً لإصدار قرار بان جنسية والدته ليست ذات بال .
ومن هنا فإن هذين الترشحين يثبتان مسبقاً فشلهما في قيادة الدولة وفي الانتقال بمصر والشعب المصري إلى مرحلة جديدة أكثر حرية وعدالة وديموقراطية..
فالمرشح عمر سليمان يمكن اعتباره مرشح الأميركيين واسرائيل (فهو المرشح الطبيعي والتاريخي والتقليدي للإدارات الأميركية المتعاقبة ومن خلفها الحكومات الإسرائيلية) .
وجماعة الإخوان المسلمين فشلت في أدائها البرلماني، حيث فازت بأعلى نسبة أصوات في الانتخابات البرلمانية، لكنها فشلت في أن تمثل الشعب المصري كله وفشلت في أن تكون بديلاً للدولة.
لكن ، وحتى نكون أصحاب نظرة أكثر تفاؤلية نحو المستقبل، لابد وأن الشعب المصري سيحسم هذا الأمر بوضوح وسريعاً ولابد أن تكون إرادته هي الغالبة.. فشعب عانى من غياب الشفافية والثقة على مدى ١٤ شهراً الماضية ، هي عمر الثورة، بين مختلف القوى السياسية والاسلامية والمجلس العسكري ، بإمكانه أن يحدد مستقبله وينتخب من يمثله ليبني وطناً أكثر ازدهاراً وتقدماً وعدالة .
د. فطين البداد
fateen@jbcgroup.tv