الكنز الذي لا يفنى !
تعتزم حكومة السيد فايز الطراونة ، وبالفم الملآن – رفع الاسعار ، هكذا صرحت منذ اليوم الأول لاختيار رئيسها بديلا عن السيد عون الخصاونة ، حيث قال ذلك تحت قبة البرلمان ، وقاله عبر التلفزيون الرسمي ، وقاله في أحاديثه الجانبية ، لدرجة بات فيها المرء يعتقد أن السيد الطراونة تنحصر مهمته في أمر واحد لا ثاني له وهو : رفع الأسعار ، وإن كان مجيئه كان على حين غرة ، وعقب مفاجآت سياسية مشهودة .
حكومة جديدة عمرها أيام ، ولم تنل بعد ثقة مجلس النواب تعلن أنها سترفع الأسعار ، هكذا وعلى الملأ ، وتحت القبة وبدون أن يرف لها جفن ، أو يخفق لها جنان .. وسط صمت نيابي غير مشهود ولا مسبوق .
تشي تصريحات السيد الطراونة حول هذه القضية بالذات ، أن بوْنا شاسعا يفصل الحكومات الأردنية عن المواطنين ، فهي ترغب في سد العجز – عجز الموازنة – من جيبه المهترئ أصلا ، وهو يريد أن يمتلئ الوطن وليس الجيب فقط إصلاحا وصلاحا ومحاسبة للفاسدين واللصوص الذين تسببوا هم وليس هو بعجز الموازنة ، وبمديونية البلد ، وبما يخطر أو لا يخطر لنا على بال من متاعب بلدنا وشعبنا الأردني الطيب العظيم .
إن من العجب العجاب أن ترتفع وتيرة الإنفعالات الحكومية ضد العجز الذي يفوق المليار دينار بينما لم تتمكن الحكومات من سد جزء بسيط من هذا العجز لولا المنح المقررة سابقا ، والتي " ينقط " بها علينا الأثرياء في الشرق والغرب والشمال ، فبدل أن تكون الحكومة قادرة على جلب الإستثمارات الحقيقية ، وقادرة على التداخل في مصالح مشتركة مع الاشقاء سياسيا واقتصاديا وإفهامهم بأن أمن هذا البلد من أمنهم ، وضياعه – لا سمح الله – خطوة أولى لضياعهم جميعا كونه يقف على البوابة الغربية لهم بكل أنفة وشموخ وينافح عن الجميع : بدل ان تكون الحكومات الأردنية قادرة على الإتيان باستحقاقات مالية للأردن ، نراها تقوم بما يشبه الاستجداء ، فلما لم " يفتح " هذا الباب ، أغلقته – كما يبدو – وأعلنت أن جيب المواطن ورقبته " سدادة " فهو الكنز الذي لا يفنى ، والمعين الذين لا ينضب ، بينما ينعم الفاسدون في فسادهم والمبذرون في تبذيرهم ، والبائعون المخصخصون للشركات الوطنية الكبرى بما حصدته مناجل جشعهم ، وعبأته أكياس بطونهم وأمعائهم التي لا تقنع ، ولا تشبع .
لقد تعب الأردني من أن يكون دائما مفتاح الفرج للحكومات التي تأتي دائما على فاقة ، وأيها لم يأت على فاقة أصلا ، وبات الأردنيون حائرين تائهين : فهم من جهة ، قلبهم على وطنهم ، ومن جهة أخرى نارهم في صدورهم ضد حكومات تشهر سيف رفع الدعم في وجوههم صباح مساء ، وكأنه لا أجندة لها إلا قلب وجسد المواطن ولا شغل لها إلا كيه بالنار .
كيف لحكومة جاءت في ظل حراكات شعبية ومطالب إصلاحية أن تأتي وتعلن ما أعلنت بملء الفم ، وبدون وجل ، ولا خطل .
هل ستعالج الحكومة الأزمة الاقتصادية بخلق أزمة اقتصادية واجتماعية إضافية لدى المواطن؟ .
هل هذا هو الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تعد به الحكومة الجديدة والذي وعدت به الحكومات السابقة ؟؟ ..
الأردن وشعبه يستقبل يومياً بكل حب وأخوة السوريين الهاربين من قمع وبطش حكومتهم التي ثاروا وانتفضوا ضدها حتى يستعيدوا كرامتهم ووطنهم.
ومن قبلهم استقبلوا الإخوة العراقيين والليبيين وفتحوا لهم قلوبهم وبيوتهم.
نحن شعب صاحب نخوة وكرم نقف إلى جانب الناس في المحن ، أفلا يستحق الأردنيون أن تقف معهم حكومتهم ، وبعضهم وصل به الحال لما وصل إليه بعض الأخوة هؤلاء ؟؟ ألا يستحق الأردني من حكومته أن تقف إلى جانبه ويكون على رأس اهتماماتها بأن تبذل كل الجهد في سبيل أن يحيا الحياة الفضلى التي يستحقها ؟ .
كان على الحكومة أن تدرس الواقع أكثر وتبحث عن أسباب الهدر والإنفاق الخطأ وأسباب العجز والمديونية ، وأن لا يكون الحل على حساب المواطن الذي لن يستطيع تحمل أعباء جديدة.
عزيزتي حكومتنا " الرشيدة " الجديدة :
توقيتك خطأ فادح ، وقرارك لن يحل المشكلة بل سيؤدي إلى العكس على مختلف الصعد ، فابحثي عن حلول أخرى تجذب الاستثمارات وتخفض النفقات وقومي باتصالاتك مع الأشقاء بقوة ومحبة وفهم وإدراك ، واتركي الأردنيين بحالهم ، ألله يرضى عليكي يا رب !!.
فطين البداد