هل نجحت الثورة المصريّة ؟
هي لحظات تتجه فيها أنظار العالم بأسره إلى أرض الكنانة، في ترقبٍ حذر بانتظار نتائج قد تحدد مصير مصر، ومصير ثورةٍ بدأت كالحلم في " يناير " وأطاحت بعقودٍ من الطغيان والظلم.
المصريون ينتخبون، ويحددون مصيرهم بأيديهم، بعد أن كان حقهم في الانتخاب مسلوبا ، والإختيار الحر خاضعاً للتلاعب و التزوير ولحساباتٍ داخليّة، ولسياساتٍ خارجية ، ها هي أصوات المصريين تعود إليهم بعد أن اختنقت على يد نظامٍ كرّس العبوديّة لحكم الحزب الواحد والرجل الواحد.
أنظار العالم تتجه إلى مصر، فانتخابات الرئاسة لن تكتفي بتحديد مستقبل هذا البلد العظيم وحسب ، بل لعلها ستحدد ملامح المنطقة بأسرها في ظلّ الثورات ورياح التغيير التي تجتاحها : الكل ينظر إلى مصر في ترقبٍ يحبس الأنفاس بانتظار الإجابة عن أخطر سؤال على الإطلاق :
" هل نجحت الثورة المصريّة " ؟ .
تعددت التحليلات، وتنوعت التنبؤات بين ثلاثة انطباعات : المتشائم و المتفائل والمتشائل ، وذلك كله تحت أجواء لعلها الأولى من نوعها في العالم العربيّ - على مرّ التاريخ ربما – ولقد تابعنا المناظرات التلفزيونيّة بين المرشحين، وبرامجهم ووعودهم وقرأنا ثقافاتهم وميولهم ، بانتظار فترة الصمت الانتخابيّ : الصمت الذي يسبق العاصفة!! .
ليست العبرة في الانتخاب وحسب.. بل في شخص الرئيس المنتخب وحكومته .
فرز الأصوات في المرحلة الأولى من الانتخابات، حصر المنافسة في المرحلة الثانية بين اثنين : محمد مرسي و أحمد شفيق.
"مرسي " و " شفيق " - أحدهما - رئيساً لمصر في مرحلةٍ بالغة الدّقة والحساسيّة، وتساؤلاتٌ في غاية الأهمية :
هل سيحظى الإخوان المسلمون بسدة الحكم ، بعد أن فازوا بأغلبية المقاعد في انتخابات مجلس الشعب ؟ أم سوف يحكمون بائتلاف مع آخرين من شباب الثورة والناصريين والسلفيين وغيرهم ، وهل حقاً سيقبل المصريون على التصويت لـ "مرسي " بعد أن خابت آمالهم في ممارسات ممثليهم في مجلس الشعب من الإخوان ؟ ..
بعيداً عن " مرسي " تلوح علامة تعجّبٍ أكبر:
بعد ثورةٍ قامت للإطاحة بحسني مبارك ونظامه، كيف يتمكن أحمد شفيق، رئيس مجلس الوزراء السابق في عهد مبارك من الوصول ، عبر التصويت (الحرّ) إلى مراده ويحرز هكذا نتيجة ؟!! أحقاً صوّت الشعب الثائر نفسه لشخصيّةٍ تعد من أركان نظام مبارك القمعيّ ؟؟ .
مجدداً.. ليست العبرة في الانتخاب وحسب، ولا يبدو أنها أيضاً تكمن في شخص الرئيس المنتخب.. بل في من يقف وراءه .
لا تفصح البرامج الانتخابية للمرشحين عما يدور في الخفاء ولا عن تحالفاتهم، بل ناقشت فقط النهوض بمصر و المصريين نحو الرفاء والسناء و تحقيق الكرامة والمساواة للجميع، و الكثير من الشعارات الأخرى، في حين بقيت النوايا أسيرة القلوب والمخططات غير المدرجة في أي برنامجٍ انتخابيّ .
ربما نستبق الأحداث، وسينتصف الأسبوع قبل أن نعرف من رئيس مصر ، ولكن في المرشحين المنتقلين إلى جولة الإعادة للتنافس على رئاسة الجمهورية من الريبة ما يدعو للقلق والمزيد من الترقب الحذر، في منطقة من العالم اعتادت دوماً تلقي الطعنات من الخلف رغم العهود والوعود والمواثيق.
هل ستكون مصر سيدة قرارها أم ستنخرط في دوامة جديدة من التبعية..؟؟ ..
بانتظار الإجابة عن السؤال الأهم :
" هل نجحت الثورة المصريّة " ؟ .
فطين البداد
fateen@jbcgroup.tv