رسالة اعتذار من شفيق إلى مبارك
عزيزي سيادة الريس حسني مبارك :
أكتب لكم هذه الكلمات ، وأنا جالسٌ في إحدى مقاهي كورنيش أبو ظبي أحتسي فنجاناً من النسكافيه السادة ، وأصارع حرارة الشمس الحارقة بقلب مكسور بعد أن خضت، كما وعدتكم، الانتخابات الرئاسي ،
لكني، وكما تعلمون، فشلت فيها لصالح الدكتور محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين وممثل ثورة ٢٥ يناير.
أعلم بأنني قد خذلتكم كما خذلكم مجلسكم العسكري الذي فوضتموه بالنيابة عنكم في حكم البلاد عندما تنحيتم عن السلطة في ١٨ من فبراير العام الماضي ، وفي فشلي هذا خيبت آمالكم وآمال ولديك علاء وجمال وكل فلول النظام السابق القابعين في السجون المصرية بإنهاء هذه الزوبعة، المسماة الثورة، ومن ثم إغلاق كل القضايا والأحكام المرفوعة ضدكم ونقض كل الأحكام السابقة التي صدرت بحقكم وإلغائها جملة ًوتفصيلا، فتعودوا إلى قصوركم وتنعموا برغد العيش ورفاهية الحياة بفضل ما جمعناه من أموال وأملاك خلال الثلاثين سنة الماضية من فترة حكمكم.
سيادة الريس ، أنا آسف ، لأنني حطمت لكم مخططاتكم العائلية وهدمت لكم، بفشلي في الانتخابات الرئاسية، طموحات علاء وجمال بالخروج إلى الحياة والاستمتاع على الأقل بـ " ميراث " والدهما الذي جناه من ثروات مصر العظيمة خلال فترة حكمه.
لقد عملت يا سيدي بجهدٍ كبير مع المشير طنطاوي والمجلس العسكري على أن تكون نتيجة الانتخابات الرئاسية لصالحنا وكنا متأكدين من الفوز.. لكننا وبرغم كل ما بذلناه من تضليل إعلامي وخرق للقوانين ورغم كل المحاولات في شراء الأصوات واللعب بنسب التصويت، كانت إرادة الشارع أقوى وأشد دعماً وتأييداً لمرشحهم ممثل ثورتهم محمد مرسي.
لم يستطع الشعب المصري يا ريس أن يثق بي ويعطيني صوته ودعمه وأنا آخر رئيس وزراء في حكومتكم.
لم يستطع أن ينسى سنوات القهر والظلم والجوع والفقر والتشرد والبطالة التي عاشها في عهدكم.
لقد كان حقوداً حاقداً نسي أنك بطل حرب أكتوبر وزعيم مصر أم الدنيا لمدة ٣٠ عاماً !!.
كل من وقف إلى جانبنا وبكى لخسارتنا، ذهب الجمعة الماضية إلى ميدان التحرير فهلل وهتف للرئيس الجديد محمد مرسي الذي بدا في خطابه واثقاً من نفسه فلم يرتدِ السترة الواقية من الرصاص وحاول مراراً الابتعاد عن الحرس الرئاسي لأنه مؤمن بأنه من الشعب وممثل لهذا الشعب فهو لن يؤذيه بل سيقف إلى جانبه ويمضي معه في رحلة بناء مصر الحديثة دولة العدالة والديموقراطية.
أستطيع أن أتخيل يا ريس كيف تابعت وأبناءك خطاب الرئيس الجديد المنتخب في الميدان، وأدرك تماماً ردة فعلكم عليه وردود أفعال علاء وجمال.
هل رأيتم ميدان التحرير وقد احتشد بالجماهير من أبناء مصر فرحين مهللين معاهدين رئيسهم الذي انتخبوه على دعمه ومساندته طالما كان إلى جانب الشعب وطالما كانت إرادة المصريين فوق كل اعتبار.
أسف يا ريس عن كل ما عايشتموه الفترة الماضية وعن ما ستعيشونه في الأيام القادمة وقد وعد الرئيس الجديد شعب مصر بالقصاص ممن خرّب مصر وسرق أموالها وبدد ثرواتها.
هو الذي أقسم اليمين الرئاسي أمام هذا الشعب العظيم وأمام العالم أجمع في قلب ميدان التحرير، رمز الثورة المصرية، كعنوان رئيسي لصدق كلامه ووفاء وعوده.
بعد اليوم يا ريس لن يكون في يدي حيلة تجاهكم وتجاه وعدي والتزامي بكم، لذلك ارتأيت أن أغادر مصر بسرعة وبسرية تامة مع عائلتي قبل فوات الأوان فأجد نفسي إلى جواركم في سجن طرة أنتظر محاسبتي على قضايا الفساد المرفوعة ضدي.
لن أبقى في مصر فأكرر خطأكم بأن بقيتم تتلقون الوعود وتنتظرون من يساعدكم ويحرركم ويعيد لكم شأنكم ومكانتكم.
سألوذ بنفسي وبعائلتي من مصير مشابه وسألتحق بزملائي الذين سبقوني في المغادرة.
اعذرني يا ريس ، سأغادر إلى غير رجعة فقصاص المصريين ينتظرني. وسامحني لأنني لم أفِ بالوعد. لعلَّ في رسالتي هذه رسالة اعتذار عن خذلاني لكم عسى في غربتي وفي سجنكم تكون عزاءً لكلينا معاً.
دمتم ودامت مصر..
التوقيع: الفريق أحمد شفيق
د . فطين البداد
