اعتذار إلى القراء الأعزاء
يعتذر الدكتور فطين البداد لقرائه الأعزاء عن كتابة مقالته لهذا الأسبوع على أن يعود إليهم الأحد القادم كالمعتاد إن شاء الله .
وتعيد المدينة نيوز نشر مقالة الزميل التي نشرناها الأحد الماضي وكان قد خصصها عن الوجع السوري :
سوريا.. هل ستسامحيننا يوماً ؟
من دون أدنى شكّ، يبدو واضحاً للمتابعين للشأن السوريّ والثورة السوريّة، أنّ النظام قد سقط منذ أمدٍ بعيد، حتى قبل مجزرة " الحولة " التي قامت الدنيا من أجلها ولم تقعد، ومع ذلك يبقى الوصول إلى حلٍّ يوقف طوفان الدّم أمراً مستحيلاً بوجود الدعم الروسيّ المتصلّب تجاه مصالحه، ضارباً عرض الحائط كلّ القيم الإنسانية .
عجزٌ هائلٌ في الوصول إلى أيّ حلٍّ سياسيّا كان أم عسكريّاً، ويبقى الشعب السوريّ وحده من يدفع ضريبة هذا العجز الباهظة، على الرغم من وصول قوّات الثورة إلى دمشق وحلب، كبرى المدن السوريّة.
في ظلّ كلّ هذا ، يستمر الإعلام السوريّ في نشر الترّهات والأكاذيب في حربه الإعلاميّة : أكاذيبٌ لا تحترم دماغ " ضَـب ّ " كي ترتقي إلى مخاطبة الإنسان : فمن مجسماتٍ لمدن سوريّة كلّفت دولاً عربيّة مليارات الدولارات تُصنّع في هوليوود لصناعة فيلمٍ يوهم البشريّة أن نظام الأسد قد سقط ، إلى التطاول على المواطن ذاته ونعته بالإرهاب والطائفيّة، وليس انتهاء باعتبار المشافي الميدانيّة التي عالجت ضحايا القصف الهمجي على المدن جرائم تقضُّ مضجع البلاد!!! .
وعندما تلوح الفرصة أخيراً للتدخل، بعد تصريحات الناطق الرسميّ باسم الخارجيّة السوريّة جهاد مقدسي حول امتلاك بلاده لأسلحةٍ كيميائيّةٍ فتّاكة، يدير العالم ظهره لهذا الاعتراف الذي يتيح إحالة الملف السوريّ إلى البند السابع لامتلاك سوريا أسلحةً محرّمةً دوليّاً قد لا يتوانى الأسد وعصاباته عن استعمالها ضدّ المدنيين في أيّة لحظة..
وها هما دير الزور وحلب تُدكّان بالقصف المدفعي و بالطائرات بعد حمص ودرعا وريف دمشق وكلّ مدينةٍ أو قريّةٍ سوريّة خرج أهلها يطالبون برحيل النظام...
أما آن الأوان للأسد أن يتنحى وقد بات من أكثر المكروهين بين زعماء العالم، إن لم يكن من بين كلّ البشر على هذه الأرض ؟ .
الكلّ يتنبأ بمجزرةٍ قريبةٍ ستقع في حلب، وفي أيّة لحظة، إلا أن أحداً لا يتمكن من فعل شيء...
أين تكمن اللعنة في القضيّة السوريّة؟
هل في مصالح حلفائها الروس والإيرانيين؟ أم في قربها من إسرائيل؟ أم في صفوف المعارضة المفككة؟ أم في راحلٍ لا زال يحكم البلاد من قبره بعد أن خنقها في شبكةٍ معقّدةٍ من العلاقات؟ أم في كلّ ما سبق ؟ .
يبدو العالم اليوم أكثر وضاعة مما كان عليه يوماً : أطفالٌ تُذبح بدم بارد، وكلّ ما نملكه هو أن نقف متفرجين، مشدوهين..
أعلن الأسد حربه على شعبه، والعالم واقفٌ كالصنم ، ففي حين يستمر بيع الكلام والشعارات والتصفيق والمؤتمرات، تبحث كثير من الأمهات بين الوجوه عن أطفالهنّ...
ويبقى صوت المصلحة أعلى من صوت الإنسان..
سوريا ، أغلب الظنّ أنّك لن تسامحينا يوماً.
د. فطين البداد