عيد اللاجئ السوري
الأردن ، وطنا وملكا وشعبا معروف ومشهود له بأخلاقه الرفيعة وكرمه وشهامته ونخوته وأصالته..
الأردن الذي استقبل إخوانه الأشقاء العرب العراقيين والليبيين وأخيراً السوريين ، يعبر عن نفسه وأصالته وانتمائه لعروبته في تخفيفه عن هؤلاء الأخوة هول المحنة ، وأي محنة أعظم من أن تبعد قسراً عن وطنك هرباً من ظلمٍ وقمعٍ وقتلٍ جائر.
تتزايد أعداد اللاجئين السوريين إلى الأردن يومياً بعد ارتفاع وتيرة القتل واستشراس الأسد وعصابته في القضاء على كل من رفع صوته ونادى بالحرية ، لتكثر الدماء وترتفع أعداد الشهداء وتُزرع مشاعر الحقد والكراهية بين أبناء الشعب الواحد فيصبح للسوري ثأر عند أخيه السوري .
واللاجئ السوري في الأردن فئات : منهم من أصحاب رؤوس الأموال جاء من بداية الثورة فاشترى وتملك واستقر مع عائلته، ومنهم من أصحاب الدخل المحدود وهؤلاء هم الأغلبية من عائلات كثيرة تعيش ضمن شقة واحدة ضيقة.
وهناك أيضا اللاجئ الذي دخل الأردن بشكل شرعي، والآخر الذي عبر الحدود مغامرا ومخاطرا بحياته فإما أن توصله رحلته إلى الطرف الآخر ( الأردن) أو تقضي عليه بيد العصابة الأسدية..
وهناك فئة تستقبل من قبل عناصر الجيش العربي الأردني بحسن الضيافة وببث مشاعر الطمأنينة في نفوسهم بعد تلك الرحلة القاسية والمعاناة الجمة، ثم يُحقق معهم وتُؤخذ أوراقهم الثبوتية من هويات وجوازات سفر ويوزعون ضمن ثلاث مخيمات في منطقة الرمثا في محافظة اربد : مخيم خاص بالعسكريين وآخر للعازبين من الرجال والمخيم الأكبر وهو مخيم العائلات.
من هؤلاء من هو محظوظ ولديه صديق أو قريب يكفله فيخرج من المخيم، ومنهم من يعيش في هذه المخيمات المتواضعة منذ شهور طويلة في ظروف قاسية من برد وحر وعواصف رملية وقلة الخدمات اللوجستية الحياتية اليومية التي هي من أبسط ما يحتاجه الإنسان.
مؤخراً ، وبعد أن عاش اللاجئ السوري في الأردن بشرى بناء مخيم " الزعتري " الخاص باللاجئين السوريين في محافظة المفرق من قبل الأمم المتحدة المعنية بشؤون إغاثة اللاجئين ، وإذ باللاجئ السوري ومعه نحن أيضاً نُفاجأ بما نراه على شاشات التلفزة عن واقع مخيم الزعتري الذي يزوره كبار رجال الدولة الأردنية وكبار المسؤولين من أوروبا، فهو ليس سوى خيام متهالكة تصارع العواصف الرملية ولا تمتلك أدنى شروط الإغاثة الدولية ، فلا نتفاجأ بعد ذلك بأن نقرأ عن فرار اللاجئين من هذه المخيمات، ولكن إلى أين ؟ :
فاللاجئ السوري لا يمتلك أوراقه الثبوتية وليس بإمكانه طلب المساعدة من سفارته السورية التي أقل ما قد تفعله تسليمه إلى السلطات السورية ومن بعدها يعيش السيناريو السوري المعتاد..
اللاجئ السوري في الأردن، بلد الكرم والأصالة، يعاني من ظروف حياتية صعبة ، فهو يعيش في خيمة بالية ، وأوراقه الثبوتية ملقاة في صناديق من الكرتون بطريقة عشوائية قابلة للضياع أو التلف، يتلاعب به البعض ممن يستدرون به عطف شعوب العالم دون أدنى مساعدة تُذكر.
نقدر حجم التحديات والضغوطات التي يواجهها الأردن ونقدر معاناة الشعب الأردني المعيشية وقلة حيلته الإقتصادية ، لكن هذا الشعب الأصيل، شعب الأردن ، النشامى، يسوؤهم أن يشاهدوا أشقاءهم السوريين يعيشون هذه المعاناة على أرض وطنهم .
عتبي على عدم السماح للجمعيات الخيرية والأهلية بزيارة السوريين في مخيماتهم وملامسة احتياجاتهم عن قرب : فأطفال سوريا كما هم بحاجة إلى الحليب والملبس، هم أيضاً بحاجة إلى من يزرع ابتسامة أمل وحب على شفاههم.
ولعلّ في الخبر الذي أقرأه الآن وأنا أكتب هذه السطور عن إعلان المملكة العربية السعودية بناء ٢٥٠٠ وحدة سكنية على أرض الأردن للاجئ السوري بادرة خير وأمل..
بارك الله بالأردن ملكاً وشعباً وكل عام وأنتم بخير.
وحمى الله سوريا وطناً وشعباً وزرع الخير والمحبة في قلوبنا جميعا .
فطين البداد