الأخضر الإبراهيمي رجل المهمات المستحيلة

تم نشره الإثنين 24 أيلول / سبتمبر 2012 07:10 مساءً
الأخضر الإبراهيمي رجل المهمات المستحيلة

 ما الدور الذي سيلعبه الأخضر الابراهيمي مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ؟ ..

هل سيستطيع تحقيق أي إنجاز من شأنه وقف نزيف الدم ؟.. خاصةً أنه ذهب إلى هناك دون أي تمهيد لكيفية مقاربته وطريقة تعامله مع الأزمة ودون أي ضمانات بنجاح مهمته ؟ .

هل سينجح في فتح المجال لحوار سياسي يمهد الطريق أمام مرحلة انتقالية ؟ ..أم سيعود خالي الوفاض كون من يتعامل معهم هذا السياسي العريق هم أنفسهم من تعامل معهم كوفي أنان سابقاً وفشل في تحقيق أي بندٍ من البنود الستة لخطته ؟ ..

هل تبديل التسمية بين " المبعوث الأممي " المشترك إلى " ممثل ٍ خاص مشترك " من شأنه أن يغير في المعطيات ويبدل في النتائج ؟

مجموعة من الأسئلة وغيرها الكثير مطروحة للنقاش وهي مثار لجدل واسع على كافة المستويات المحلية والاقليمية والدولية.

المجتمع الدولي بأكمله يعوّل على الأخضر الابراهيمي - الخبير الدبلوماسي والسياسي وصاحب التاريخ الطويل في التعامل مع أزماتٍ معقدة تطلبت منه الكثير من الصبر والحكمة والحنكة - في إيجاد الحل السياسي للخروج بسوريا من هذه الأزمة العصيبة التي ستؤدي - إن استمرت - إلى مزيدٍ من أنهار الدم الجارية والمزيد من التعقيدات والمزيد من تخصيب الفتنة الطائفية والمذهبية والحرب الأهلية ( بحسب الأخضر الابراهيمي) نفسه ؟؟ .

البعض يراهن على فشل الابراهيمي كما فشل كوفي أنان من قبله ، وكما فشل محمد الدابي من قبلهما، ويرى في مهمة الابراهيمي هذه مهمة " مستحيلة " لأن النظام السوري - أساساً - يأبى أن يعترف بأن ما يجري في سوريا هو ثورة شعبية احتجاجية تطالب بإسقاطه، وأن هذه المهمة لن تكون إلا مزيداً من الوقت لمزيد من القتل وإراقة الدماء .

يرى البعض الآخر بأن الأخضر الابراهيمي مقبل على مهمته غير متهيب على الرغم من إدراكه لصعوبتها الفائقة ولطريقة تفكير الأسد ، مما يعكس لدى هذا البعض الشعور بأن الابراهيمي يحسن الإعداد لمهمته ويتحسس مواقع أقدامه جيداً قبل الإقدام على أية خطوة في هذه الطريق المهمة والخطرة والمعقدة.

فمع كل هذا الدم الذي سال والذي بات يشكل حاجزاً لا سبيل للقفز عنه بين الأسد والشعب السوري، ومع الإنقسام الموجود في المعارضة السورية ، إضافةً إلى المواقف الاقليمية والعالمية التي تزيد من تعقيد الأزمة : من وجود إيران التي تدعم بقوة الأسد (ابنها المدلل)، إلى اسرائيل التي تجد في استمرار الصراع في سوريا استنزافا لطاقتها، إلى روسيا والصين اللتين تعوقان أي قرار يصدر في مجلس الأمن ضد النظام ، بل حتى إلى تركيا والدول الغربية الكبرى التي تكتفي بإصدار العقوبات وإطلاق التصريحات والتهديدات " اللفظية " دون إتخاذ أدنى خطوة فعالة في سبيل إنهاء الأزمة ، فإن الوقت لا زال مبكراً للحكم على مهمة الابراهيمي بالنجاح أو الفشل..غير أن ما يدعو للتفاؤل ولو ببصيص أمل أنه وعلى الرغم من كل الاختلافات في المصالح الاقليمية والدولية حيال الأزمة في سورية وفي المنطقة كلها فإن طريقة الإبراهيمي في التعاطي مع الأزمة من خلال " تخويف " القوى الإقليمية والدولية على مصالحها ربما تأتي أكلها في الوصول إلى تفاهم ما مشترك ، مما سيؤدي في النهاية إلى نوع من الإتفاق على مصير سورية الذي من شأنه أن يؤثر على استقرار المنطقة .

الأخضر الابراهيمي ،الرجل الدبلوماسي الخبير بدهاليز الأمم المتحدة وتناقضات رجالها، كُلف في السنوات الأخيرة من طرف الأمم المتحدة بالتوصل إلى حل تفاوضي في العديد من بؤر التوتر والتي تكللت في العديد من الأزمات بالنجاح، يرفض في هذه السن المتقدمة أن يُقال عنه " مطية " لمشاريع استعمارية دولية ويسعى – وهو على قدر عال من المسؤولية – للتواصل مع كافة الأطراف في سبيل الوصول إلى مخرج للأزمة السورية بانتقال سلمي للسلطة والبدء بالتحضير لتشكيل مرحلة انتقالية حتى لو قادها في البداية تكنوقراط تمهد لإجراء انتخابات برلمانية وحزبية حرة .

بدون الوصول إلى حل ينهي نظام الأسد يُخشى أن تتمكن عجلة الموت اليومي من تحويل القضية السورية من قضية شعب يبحث عن الحرية ودفع أغلى ما يملك في سبيلها ، إلى قضية " إنسانية " تتوقف عند أعداد الضحايا والمهجرين ، ولعل هذا ما يريده النظام الذي يقتل بدم بارد كأشرس قتل تسجله عدسة التاريخ الحديث .

 

 

د.فطين البداد

fateen@jbcgroup.tv












مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات