هؤلاء اغتالوا " وسام الحسن " !
يوم الجمعة الفائتة كان يوماً عنيفاً وقاسياً على بيروت ، تلك المدينة الجميلة التي لا تلبث أن تختال بجمالها وبهائها حتى تطالها يد الحقد والشر ..
بيروت التي ما هدأت يوماً من الحروب والأهوال والاغتيالات، تعود اليوم إلى الساحة بتفجير جديد وحادثة اغتيال أخرى..
لم يُفاجئ هذا الحادث أحداً، فمن منا لم يتوقع أن تؤثر الأحداث الجارية في سورية على الجارة لبنان؟..
حتى السوريون أنفسهم يعلمون ذلك، هم الذين عاشوا مرارة القمع والاستبداد من النظام ، يعلمون جيداً ما الذي فعله هذا النظام سابقاً في لبنان وما قد يفعله اليوم.
وحادثة الاغتيال الأخيرة التي شهدها لبنان لم تكن لشخصية عادية ، وإنما لشخص يشغل رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي " العميد وسام الحسن " الذي لعب دوراً بارزاً في كشف عمليات واغتيالات في لبنان يُتهم فيها النظام السوري.
وسام الحسن البالغ من العمر ( ٤٧ عاماً ) رجل المهمات الصعبة الذي حقق إنجازات أمنية مشهودة ، كان شخصاً قليل الظهور في الوسائل الاعلامية والمناسبات الاجتماعية، وهو يتحرك بحيطة وحذر لأنه يعلم بأنه مستهدف بحكم الملفات التي بين يديه : هو الذي قد كشف مؤخراً عن مخطط للقيام بتفجيرات في مناطق لبنانية عدة اتُّهم فيها النظام السوري والوزير اللبناني الموقوف حالياً ميشيل سماحة.
أصابع الاتهام إذن موجهة إلى النظام السوري وحليفه في لبنان حزب الله وإيران الداعم لهاتين الجهتين .
هذه الاتهامات لا تطال فقط من قاموا بهذه الجريمة ، بل تتعداها إلى كل جرائم الاغتيالات السابقة التي وقعت في لبنان في السنوات الأخيرة الماضية.
وفي الوقت الذي تبدي فيه قوى ١٤ آذار إصرارها على مواصلة رفضها للتدخل السوري في لبنان ودعم المعارضة في سوريا، إلا أن الحكومة اللبنانية ما تزال ترفض توجيه الاتهامات إلى النظام السوري " إلى حين الانتهاء من التحقيقات " مؤكدةً على لسان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي : بأنهم " في انتظار نتائج التحقيق أولاً " ..
فهل سينتظر لبنان تحقيقات هذه الجريمة كما انتظر وينتظر تحقيقات ما سبقها من جرائم اغتيال وقعت في لبنان لشخصيات سياسية وإعلامية بارزة كان أولها اغتيال الرئيس رفيق الحريري في الـ١٤ من شباط/ فبراير ٢٠٠٥ وجبران تويني ومن قبل كمال جنبلاط وغيرهم ؟.
هل سيبقى لبنان يعتمد سياسة " النأي بالنفس " في ما يخص الأحداث في سوريا، وهي تطاله بشكل أو بآخر ؟ .
في استشهاد وسام الحسن خسارة فادحة للبنان : فهو أحد دعائم السلم الأهلي ، وهو أحد الضمانات الأساسية للحد من آلة القتل والإجرام والغدر والاغتيال، واغتيال الحسن لن يكون حدثا عابراً ، بل سينقل لبنان - مجدداً - إلى المجهول السياسي والأمني والمذهبي بلا كوابح أو ضوابط.
لقد استطاعت الدول الحاقدة التي ما زالت تعمل على تغذية الفكر المذهبي أن تحقق مبتغاها : فها هي ملامح هذا الفكر بدأت تتضح بشكل جلي في الشمال في طرابلس ( موطن ميقاتي ) كما في مناطق أخرى من لبنان.
لبنان الذي لم يعرف الهدوء، عليه أن يتحلى بالشجاعة ، لأنها معركة حرية لا يجب التخلي عنها .