ماذا بعد إثارة ملف الأسلحة الكيماوية في سوريا ؟
يعود ملف الأسلحة الكيماوية في سوريا إلى الواجهة من جديد ، لتقف أميركا والغرب عموماً ضده مُحذرةً الأسد من عواقب ارتكاب هذا الخطأ الرهيب باستخدام هذا السلاح ضد شعبه أو جيرانه .
ورغم أن نظام الأسد - في أكثر من مناسبة - نفى نيته استخدام السلاح الكيماوي - إن وجد ( بحسب تعبير النظام السوري ) - ضد شعبه ، إلا أن القلق الدولي يتنامى خاصةً بعد اقتراب الثوّار والمعارضة المقاتلة من دمشق ، وهو ما يعني أن الأسد حالياً محتجز في قصره بالعاصمة ، غير قادر على مغادرته.. فحتى وإن أراد الرحيل مع أزلامه فإنه لن يتمكن من التحرك بحرية ، لأن الجيش الحر سيكون له بالمرصاد ، وبالتالي فربما يلجأ إلى استخدام السلاح الكيماوي كضربة يائس ، ولكن :
إن موضوعة استخدام السلاح الكيماوي من قبل النظام السوري ضد شعبه هو تهديد للمنطقة بأكملها ، وهو ذريعة من أميركا للتدخل العسكري في سوريا من خارج مجلس الأمن، خصوصاً أن هذا الأخير لن يُصادق على هذا التدخل بسبب معارضة كل من روسيا والصين واستخدامهما حق النقض " الفيتو" .. وكأن الجرائم ضد الإنسانية الكثيرة التي ارتكبها النظام السوري بحق شعبه من : تفجيرات ومجازر واعتقالات وتعذيب وقتل وتدمير ، وكل هذا الدم السوري المُستباح منذ أكثر من عامين ، لم يستفز القوى الغربية ولم يحرك عواطف قادتها تجاه شعب يتعرض لأبشع أنواع الذبح والقتل من قبل المافيا الأسدية التي استخدمت كل أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة ضد شعب أعزل، بينما العالم كله بقي متفرجاً يصدر تصريحات من قبيل : قلقه، وصدمته ، ومخاوفه.. وإلى ما هنالك من مواقف سلبية لا تقدم ولا تؤخر..
أميركا اليوم وربيبتها اسرائيل باتا يدركان الخطر القادم على وجود اسرائيل في المنطقة، فبعد أن نالت فلسطين قراراً باعتبارها دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة ، وأصبحت دولة ذات سيادة ويحق لها الانضمام إلى كافة المنظمات الدولية ، وهذا اعتراف من العالم كله بأنها دولة واقعة تحت الاحتلال ويحق لشعبها النضال من أجل استقلال دولته، وبعد أن أثبت الجيش الحر في سوريا - بإمكانياته القتالية البسيطة - بأنه يستطيع أن يردع آلة القتل الأسدية وأعلن رسمياً بأنه لن يتوانى عن النضال من أجل استرجاع الجولان المحتلة من قبل اسرائيل ، ناهيك عن قلق أميركا واسرائيل من وصول هذه الأسلحة النوعية إلى أيدي المعارضة السورية التي تعتبرها ثروة وطنية تم شراؤها بأموال الشعب السوري ، كل هذا يدفع لأن يكون هم وهدف اسرائيل الأول وكذلك أميركا هو الوصول إلى مخزونات الأسلحة الكيماوية لمصادرتها أو تدميرها لكي لا تُستخدم ضدها في المستقبل ، ولكي لا تقع - في المقابل - في أيدي مجموعات مناهضة لاسرائيل وأميركا والدول الحليفة.
وبحسب المراقبين والمجريات والأحداث الراهنة فإن أياماً معدودات باتت تفصل سوريا عن انتهاء زمن الأسد ( الأب وابنه ) إلى الأبد، ولذلك فإن على المعارضة السورية والثوّار اليوم استحقاقا أساسيا بأن يتحلوا بالحكمة والقوة والاتحاد ، من أجل إعادة بناء سوريا الحرة وتخليصها وتنظيفها من عناصر الفساد والعصابات المسلحة التي دخلت إلى سوريا بحجة الثورة ، وما هدفها إلا تدمير سوريا ، البلد الجميل ، وتقسيمها وإضعاف ركائزها حتى تصبح لقمة سائغة سهلة المنال بيد الطامعين.
سوريا المستقبل هي من سيسير الشعب السوري تحت رايتها، راية الحرية والعدالة والديموقراطية، سوريا لكل أبناء الشعب السوري باختلاف إنتماءاته وطوائفه..
لقد انتهى زمن تبعية الفرد ، وآن آوان قطف ثمار التعب والتضحيات بأن تكون التبعية لسوريا الوطن فقط .
د.فطين البداد