أمن الأردن من أمان الأردنيين
بعد الاحتجاجات الغاضبة التي تفجّرت في الأردن الشهر الفائت ، عقب قرار الحكومة رفع أسعار المشتقات النفطية مطالبةً بإسقاط الحكومة وبمعاقبة الفاسدين والمفسدين الذين باعوا وسرقوا مقدرات الدولة.. وبعد أن ظهر الدكتور عبد الله النسور رئيس الحكومة ( الذي ذكرت في مقال سابق أن قراره برفع الأسعار لمواجهة عجز ٨ مليارات دولار في موازنة المملكة لعام ٢٠١٢ يعد قرارا جريئا ) حيث ظهر الرئيس في أكثر من لقاء اعلامي موضحاً للشعب الأردني المسؤولية التي حتمت عليه اتخاذ مثل هذا القرار، مطمئناً الناس بجملة من الإصلاحات القادمة التي ستعين الأردن وتحقق للمواطن الأردني حياةً معيشية أفضل ، أنتهز مناسبة استذكار ذلك لأقول : إن هدوء الشارع الأردني " نسبياً " من موجة الغضب العارمة نتيجة رفع الأسعار له أسباب سترد في السياق ، وهو هدوء يسبق العاصفة حسب بعض القراءات .
فالمواطن الأردني ينتظر جملة الإجراءات والقرارات التي وعدت بها الحكومة ، والتي من شأنها التسريع بالعملية الإصلاحية السياسية والاقتصادية ومكافحة ومحاربة الفساد ومعاقبة الفاسدين.
لكن يبدو أن الحكومة الأردنية - ومن جديد - تراوح مكانها غير مدركة مدى خطورة التباطؤ في تنفيذ الوعود !.
يدرك الشعب الأردني ، وهذا من المسلمات ، بأن أي قرارات تصدر بدون دراسات هي قرارات عشوائية فاشلة، لكن هذا المواطن الذي تلذعه الفاقة ، وتكويه الأسعار لن يكون قادرا على الانتظار والتفكر والتعقل عندما يمس الموضوع قوت أطفاله وحياتهم.
المواطن الأردني لم يلمس بعد - وبشكل حقيقي - تبعات ارتفاع الأسعار ، لأنه لم يمضِ على اتخاذ القرار أكثر من شهر واحد، لكن ، عندما تتراكم الديون ويضيق الحال وتزداد متاعب الحياة ومشاعر القلق من الغد والخوف من عدم القدرة على تأمين لقمة العيش، عندها ستكون ردة الفعل غضباً عارماً شديد العنف.
المواطن الأردني - أساساً - يعاني من غلاء المعيشة وقلة الحيلة، وقد كان هذا القرار الأخير " رفع الأسعار عن المشتقات النفطية " بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير- وهو بالفعل حمل ثقيل يكسر الظهر.. إلا أن هذا المواطن - نفسه - يؤمن أن أمن الأردن واستقراره أساسي ومفصلي وفوق كل اعتبار.
لذلك ، فإن على الحكومة أن تضع المواطن في رأس قائمة أولوياتها وفي أولى اعتباراتها ، وعليها أن تمضي بما وعدت به، وأن يلمس الشارع الأردني نتائج ذلك على الأرض .
لم تعد الأمور كما كانت عليه في السابق ، يكتنفها عدم الاكتراث بقدرة الشارع على الاعتراض والاحتجاج ، ولم يعد المواطن العربي عموماً والأردني خصوصاً يقبل بأن لا يؤخذ صوته ورأيه مأخذ الجد ، فهو شريك أساس في بناء الأوطان .
إن رياح الربيع العربي - وإن تفاوتت - قد هبت وملأت الأجواء والأرجاء ، وقد تنسم ربيعها المواطن العربي أينما كان ، ولم يعد بالإمكان إخراج عبقها من العقول والقلوب، كما لن يكون بالإمكان إخراج هوى الأردن من قلوب الأردنيين .
د.فطين البداد