ممثل الأسد في عمان .. سفير أم " شبيح " .؟
هل يُعقل أن يكتب سفير سوريا في عمان مقالا ينشره عبر وسائط إعلام أردنية " ينضح " - المقال وكاتبه - بالفتنة والتحريض ، ويرشح بالسم الزعاف الصادر عن حقد بغيض ضد شعبه السوري وضد العرب جميعا ممن ناصروا ثورة الاحرار السوريين ونافحوا عنهم بما استطاعوا ، وليس هذا فقط ، بل إن سفير النظام الآيل للسقوط ، غمس مقاله بإناء كريه يطفح طائفية عمياء عندما عنونه بعبارة : بشار الأسد يمثل الحسين والمعارضة تمثل يزيد !! .
هل يُعقل لسفير يدعي العلمانية والمصداقية والشفافية هو ونظامه أن يوجه هذه الرسالة التحريضية الطائفية ضد أبناء شعبه ؟ .
لقد كتب سعادة السفير الدكتور بهجت سليمان سفير سوريا في الأردن مقاله الحاقد هذا في العشرين من الشهر الحالي متهماً وسائل الاعلام العربية بالتزييف والتحريض والتضليل والتزوير والتحريف ، وإلى ما هنالك من نعوت جوفاء غايتها فقط دحض أحقية الثورة السورية في مطالبها المشروعة ، وهي التي قامت أساسا ضد الدكتاتورية والقمع والاستبداد ومن أجل الحرية والكرامة ، وها هو سفير بشار الهمام يذهب إلى أبعد من ذلك عندما يعتبر ما يجري في سوريا عدوانا " صهيو- أطلسي – سلجوقي - وهابي - إخونجي " واصفا ثوار سورية ومن يقف إلى جانبهم بـ " العملاء والمسامير المهترئة والمرتزقة والموساد والبيادق والنعاج والبهائم والطواويس والأزلام والأتباع " ، في حين يعتبر كل من هم مع بشار الأسد " نسورا وأسودا وسادة وعلمانيين ويمثلون المستقبل ، بينما الآخرون هم الماضي ، ورجال الأسد هم الحضارة في حين ثوار سوريا وأحرارها وحرائرها هم الهمجية والتخلف.
ويتساءل كل من قرأ هذا المقال الأخرق عن محدودية وسطحية تفكير صاحبه ، وسطحية تفكير سفراء العائلة الأسدية جميعا ليس بدءا من بهجت ولا مرورا بشوكت ولا حتى انتهاء برفعت ؟؟ .
والأكثر غرابة في مقال هذا السفير قوله : " بأن سقوط الدولة الوطنية السورية يعني ارتفاع أعداد الضحايا من رقم (٤٠) ألفاً الذي يتباكون عليه إلى أكثر من ٤٠٠ ألف " أي أنه يبشر بمذابح تصل لمئات الآلاف ، هكذا وبكل صفاقة ، وأين ، عبر مقال منشور في صحافة بلد يأوي عشرات آلاف اللاجئين السوريين في الزعتري وفي المدن والقرى الأردنية على مستوى الأردن من أقصاه إلى أقصاه ، بما يؤكد أن بهجت هذا يهدد ليس فقط السوريين واللاجئين ، بل الدولة الاردنية برمتها ودون أن يقول له أحد : أغلق فمك !.
لسنا مضطرين هنا إلى التذكير بسلمية الثورة السورية إبان الإنطلاقة الاولى في درعا ، ومضي ستة شهور بكل ما فيها من آلام ومعاناة وثوار سوريا يهتفون : " الشعب يريد إصلاح النظام " ، ولما بدأ هذا النظام الذي يأبى الإصلاح بإطلاق النار منذ اليوم الأول ، صبر السوريون حتى ملهم الصبر فخرجوا يهتفون " واحد واحد ، الشعب السوري واحد " ولما لم يعجب نظام بهجت هذا الهتاف ولغ أيضا في الدماء فهتف السوريون وقتلاهم بالمئات : " يا ألله ما لنا غيرك يا ألله " ومن ثم بدأ انشقاق العسكر فرادى فرادى ، ومن بعدُ زرافات ، ليصلوا هذا الأوان - بحسب تقديرات غربية - إلى ما ينوف عن 200 ألف ضابط وجندي ، هم - أنفسهم - الذين يصفهم بهجت بمقاله : " بالعملاء والمسامير المهترئة والمرتزقة والبهائم والأزلام والأتباع " إلى آخر ما اسعفته قريحته الأسدية من ألفاظ تليق بالحواري وبائعي البسطات .
ويتساءل أردنيون وأردنيات ومن مختلف المستويات والطبقات : كيف يمكن للدولة الأردنية أن تُبقي على سفير يحرّض أبناء شعبه ضد بعضهم البعض ، وكيف يسمح له بإثارة النعرات الطائفية هنا من عمان ، من خلال مقاله الذي وصف فيه الموالين للأسد بالحسين والمعارضين له باليزيد بن معاوية ؟؟ مع أن شروط الإعتماد لدى كل دول العالم أن يكون السفير- أي سفير - مراعيا لقواعد اعتماده وقوانين البلد الذي يقيم فيه وجميع قواعد السلوك الدبلوماسي المعروفة في العالم .
كيف له أن يكون أميناً وهو ينشر في الاردن مثل هذا الكلام التحريضي ويصف السوريين بالبهائم والنعاج ويعتبر قتلهم وتعذيبهم واجبا وطنيا حسب تقديره وهواه .
وسؤال آخر لا يقل خطورة عن سابقه وهو : هل نشرت بعض وسائل الإعلام الأردنية مقال بهجت سليمان بـ " بلاش " أم تقاضت " مغلفات " مالية في منأى عن أعين الرقابة الحكومية بمختلف وسائلها وأجهزتها ، وهذا سؤال يتطلب تحقيقات جدية وفورية .
إن مقال بهجت وما تضمنه من تخرصات و" تشبيح " ينبئ بما يشبه إجابات الأسئلة أعلاه ، أما في ما يتعلق به شخصيا ، فإنه ليس غريباً ولا مستهجناً على السفير السوري بهجت سليمان أن يدافع عن العصابة الأسدية وذلك لأنه جزء لا يتجزأ منها ومصالحه معها ، ووجوده رهين بوجودها ، إذ يتردد بأنه هو وعائلته نالوا من الامتيازات ما يكفيهم فكانوا من أصحاب أكبر المنتجعات السياحية في جزر القمر .
إن من الغرابة بمكان ، أن تُبقي الحكومة الأردنية سفير العصابة الأسدية يصول ويجول ويهذي بمثل هذا الهراء والتشويه للحقائق والسخرية من دماء شهداء سوريا ومن الذين ناصروها أو تعاطفوا معها وهم الاكثرية الكاثرة من الأردنيين ، أي أنه يشتمنا في عقر دارنا ، في حين لا تنبس الحكومة ببنت شفة ! .
د.فطين البداد