نظام الأسد " مافيا " في هيئة " سلطة " !
منذ سنين ، كان العالم يتذوق " حلاوة الجِبن " من سوريا ، واليوم يتذوق السوريون " مرارة الجُبن من العالم " .. ( " حلاوة الجِبن " نوع من الحلويات السورية المشهورة بلذة مذاقها ) .
قرأت هذه العبارة مؤخراً ، ولا أذكر أين أو من هو كاتبها.. لكني أقتبسها في مقالتي الأسبوعية هذه ، لأن هذا هو واقع حال العرب والمسلمين والمجتمع الدولي تجاه مأساة سوريا وشعبها.
انتقدني البعض بسبب ميلي الأكيد للثورة السورية ، ووصل النقد أحيانا لـ " الشتم والتجريح " مع أن دعمي للثورة لم يتعد التبرع المادي ضمن القنوات الرسمية ، ولم يتعد - كذلك - الدعم المعنوي من خلال الإعلام ، وأتساءل هنا : هل نتوقف عن نشر الحقيقة ؟ هل نتوقف عن الدعوة للمبادرة والفعل تجاه مأساة إنسانية يعيشها السوريون وكارثة أخلاقية تعيشها سوريا ؟؟.
هل نترك إخوتنا السوريين في المخيمات ، نشهد بردهم وشظف عيشهم بينما ننعم في بيوتنا وقصورنا وأكواخنا وشققنا بالدفء والطعام والسلام ؟؟ ، هل نكون " بشرا " حقيقيين لو اكتفينا بمتابعة نشرات الأخبار ومشاهدة السوريين يستحيلون على الهواء جثثاً متفحمة عقاباً لهم على تجرؤهم ووقوفهم طوابير أمام أفران الخبز قبل أن تصيبهم قذائف الغدر فيحترقوا مع خبزهم وجوعهم ، أفلا تصل رائحة " الشواء الآدمي " إلينا عبر الشاشات على الأقل ، إن لم تصل عبر الأجواء والريح ؟؟.، وقس على ذلك طوابير المازوت أو صفوف الصلوات في المساجد وغيرها من حشود مستهدفة بحقد أسود لعين لم يسبق أن شهد له التاريخ المعاصر مثيلا .
مع كل ذلك ، يريدونك أن تصمت صمتَ هذا العالم الجبان الذي يتفرج على نزيف دماء أطفال سوريا ، أولئك الذي لو كانوا ينزفون نفطا لتدخل العالم بأسره .
يتهمونك في شرفك وسمعتك ويصفونك بالعميل لأنك قلت الحقيقة ، وتقولها كل حين ، ولأنك آليت إلا أن تكون مع الحق نصيرا ، وها هي بنات أفكارهم السوداء تخرج من قوالبهم الجاهزة اتهامات واهية مجهزة في " معمل " عقلية " مافيا " في صورة " سلطة " سبق ومارست الإرهاب الفكري والجسدي ضد كل من يخالفها رأيا ، أو ينتقدها نهجا ومنهجا ، وهو ما مارسوه سابقا ويمارسونه الآن ، والتهمة الأشهر لهذا النظام الدموي هي " العمالة لإسرائيل " ، يقذفها في وجه كل من يقف ضده ويتصدى لسياسته ، متناسيا ما أطلقه رامي مخلوف من اعتراف صارخ بعمالة الأسد نفسه وحاشيته من بعده لإسرائيل عبر نيويورك تايمز ، حيث أطلق بداية الأزمة تصريحا تناقلته كل وكالات الأنباء ومحطات التلفزة العالمية حينما قال : " إن أمن اسرائيل من أمن سوريا " .. ويستذكر كل من قرأ تصريح ابن خال الرئيس أن الأسد الأب وخلال فترة حكمه التي تجاوزت الثلاثين عاماً ومن بعده الأسد الابن الضامن والحامي الأساسي والرئيسي لأمن اسرائيل باعتراف ابن خاله استمرأ كل منهما الضحك على ذقون العرب والسوريين من خلال معزوفة " الممانعة " و " التوازن الإستراتيجي " ، لنتبين بعد هذه المذابح والجرائم بأن الأسد الإبن ممانع فعلا ، ولكن من خلال تدمير سوريا حجرا حجرا ، وها هي أمريكا - ذاتها - لا زالت ترفض التخلي عنه وعلى رؤوس الأشهاد ، ولا زالت ترسل المبعوثين وغيرهم لتظل رحى القتل والتدمير دائرة ، فهل هناك من دليل أكبر من هذا الدليل ، وبينة أعظم من هذه البينة ، ونحن نشاهدها يوميا من خلال تصفية سوريا كلها وتدمير جيشها ، وإشعال فتنة طائفية " يتلهى " بها الإسرائيليون أحقابا طويلة وينعمون - بسببها - بالأمن والأمان ؟؟ .
وإن المرء ليتساءل : هل هناك عميل أوفى وأشد إخلاصاً من النظام السوري للمشروع الصهيوني في المنطقة ،وهو الذي لم يحرك دبابة واحدة ولم يطلق رصاصة واحدة في وجه إسرائيل التي تحتل قطعة من أرضه ، بل حرّك " حماة الديار " بكامل عدتهم وعتادهم لتدمير سوريا وقتل وتعذيب وتشريد شعبها ، ونستثني بالطبع من انشق منهم .
السؤال الأهم الذي يجب أن يُطرح : لماذا يستقبل الأردن وغيره من الدول العربية من يمثل هذه الأجندة ويسير على نهجها ويحظى بالحصانة والترحيب والامتيازات ؟!!..
سؤال نضعه بين أيدي حكوماتنا العربية الرشيدة في انتظار الإجابة.
د.فطين البداد