النسور وعقبة تخطي الثقة !
لا أعتقد أن رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور سيكون سعيدا بتقديم بيان وزاري ينال الثقة على أساسه ، ليس لأن ثقة النواب هي الفيصل في استمراره ، ولكن لعلمه بان كل الكتل والنواب تقريبا سيطلبون نقاش البيان ، وهو نقاش منتظر ومرتقب ، فلقد علمت بأن نوابا كثرا يكيدون للرجل ، ويعدون الساعات للإنقضاض عليه تحت القبة ، بحيث لن يكون نقاشا على كل حال ، بل هجوم جارف، من جهة ، ودفاع مستميت من نواب محسوبين على الرئيس ، ولم يغضبوا كزملائهم من كونه " شاورهم وخالفهم " من جهة أخرى .
إن رجلا بتاريخ النسور في العمل العام ، لن يضيق صدره بالإستماع ، ولكنني أتوقع أن يكون النقاش أعنف هجوم على رئيس حكومة في عهد المملكة الرابعة ، حتى لو اختبأ خلف كتاب التكليف نفسه ، وذلك لاعتبارات موضوعية أملتها طبيعة المرحلة الإقتصادية والسياسية التي يعيشها الأردن والمنطقة ، بل الأهم ، تداعيات " الإنطباعات " التي باتت شرائح كبيرة من الأردنيين تصطبغ بها كما لم يحدث ذلك من قبل ، وأتوقع أن يكون ذلك كذلك إلا إن وقعت معجزة .
عدة أسئلة يطرحها مراقبون : كيف سيبرر رئيس الحكومة عدم توزير النواب ( الحديث هنا عن التبرير وليس التوزير ) وكيف سيبرر إهمال الأسماء التي رشحها نواب من خارج المجلس ، وكيف سيكون مقنعا في دمج ثلاث وزارات في وزارة واحدة ، أو وزارتين غير متجانستين ، أو وزارات لم تملأ الأسماء مقاعدها ، وكيف سيبرر رفع الكهرباء في حزيران القادم كما هو متوقع ، ومن أين للنسور تلك العصا السحرية التي ستنقذه حين يبتدئ التصويت ومناداة الأمانة العامة على النواب بالإسم ، في الوقت الذي لم تمثل فيه بعض المناطق في التوليفة الحكومية ؟.
ولئن قال قائل : إن من العدالة أن تكون الكفاءة هي المعيار والميزان ، أجيب : نعم ، ولكن ليس في دول العالم الثالث ، فالوقت لم يحن بعد ، وعلى الدكتور النسور أن لا يجرب المجرّب ، كون هذه " الخطيئة " محسوبة ومحسومة سلفا ، رغم صحتها ، وضرورتها ، ولكن ضرورة اللحظة طاغية أيضا .
إن أمام رئيس الحكومة مشوارا صعبا ، واقترح عليه في هذه العجالة تدارك الأمر ليتخطى بعض العقبات ، ومن ذلك : أن يجري تعديلا سريعا على حكومته ، وإن فعل ، فإنه يكون قد حاكى حكومة رئيس الحكومة الأسبق الدكتور عدنان بدران الذي اضطر تحت الضغط أن يعدل عليها ليتسنى له عبور بوابة مجلس يسن النواب فيه أسنانهم ، ويشحذون أقلامهم ، كما إن عليه تصويب بعض الحقائب المدمجة .
قد يحصل النسورعلى ثقة صعبة ، أو سهلة ، وفي كلتا الحالتين فإن حكومة عدنان بدران الذي عدل وزراءه وحقائب حكومته لم تصمد سوى ستة شهور .
ولكن : ماذا لو كان الخيار : حجب الثقة عن الحكومة ؟ .
ليطمئن النواب الأعزاء ، فإن الإعتبارات والظروف الموضوعية لا تتوافق مع أي قرار بحل البرلمان ، دون أن يعني هذا أن حكومة بديلة ، أو مجلسا بديلا سينقذان الموقف والمديونية والإقتصاد ، لأن أي رئيس بديل ، حتى لو كان " طرزان " فإنه لا مندوحة له عن رفع الأسعار لأسباب بات يعرفها العامة قبل الخاصة ، كما وإن أي مجلس جديد سيتقاضى أعضاؤه رواتبهم بـ " طلوع الروح " .
أمام النسور أيام صعبة ، كان الله في عونه !.
د.فطين البداد