رسالة مفتوحة إلى النواب حول منح أو حجب الثقة

تم نشره الأحد 21st نيسان / أبريل 2013 01:12 صباحاً
رسالة مفتوحة إلى النواب حول منح أو حجب الثقة
د.فطين البداد

لا أرغب في الخوض كثيرا في مضمون البيان الوزاري لحكومة الدكتور عبد الله النسور ، ولا في اجتماعه مع الكتل النيابية من جديد قبل التصويت استجابة لدعوة النائب مصطفى الحمارنة ، الذي أعلنت كتلته حجب الثقة ( التجمع الديمقراطي ) ولا في اجتماعه مع كتلة " وطن " التي يتزعمها المهندس عاطف الطراونة ، أو اجتماعاته الجانبية والفردية ، أو أن أعلق على ما جاء في كلمات النواب وانتقاداتهم للتشكيلة الحكومية ودمج وزاراتها واختزال أخرى ، ولا أرغب أيضا في اجتراح الحلول للخروج من أزمات سياسية واقتصادية وغيرها ، ولكني سأتوقف مليا عند برنامج الحكومة الذي لم يقرأه بعناية كثيرون ، ومروا عليه مرور الكرام .

لأول مرة في تاريخ رؤساء الحكومات التي تطلب ثقة مجلس النواب ، يقدم رئيس حكومة برنامجا لحكومته مرفقا مع البيان الوزاري ، ولئن كان هناك من انتقادات لتشكيلة الحكومة ، فإن البرنامج الذي حدده النسور في أربع سنوات لا علاقة له بالتشكيل ولا بالأسماء ، حيث إن الأربع سنوات المحددة ، هي له أو لغيره ، على اعتبار أنه برنامج حكومي وليس برنامج شخص ، تطرق فيه إلى مختلف القضايا الملحة التي اعتبرها السادة النواب استراتيجية ، بما فيها مطالبهم المناطقية .

كنت آمل ان يناقش النواب هذا البرنامج الذي تم تغييبه من قبل الأغلبية الساحقة ممن تحدثوا ، ولم نسمع من كثير من النواب سوى " إنشاء " لا يقدم ولا يؤخر في نقاشات بحجم برنامج دولة ، وكان الأولى بالنواب المحترمين مناقشة خطة برنامج الحكومة وليس فقط بيانها الذي قرأه الرئيس تحت القبة .

البرنامج الذي لا يتسع المجال لمناقشته هنا ، حوى أرقاما وتواريخ وخططا وتوقعات بالإمكان اعتمادها والقياس عليها في قراءة مستقبل البلد خلال المدة المذكورة ، ولكن أيا من النواب لم يسمعنا ذلك ، اللهم باستثناء البعض منهم الذين كانوا مقنعين ويشيرون إلى مواطن الداء ويقترحون الدواء ، وهؤلاء معدودون على أصابع اليد الواحدة .

برنامج عمل حكومة النسور ليس خياليا ، ويجب أن ينصب نقاش حجب أو منح الثقة حوله فقط ، هكذا يقول المنطق ، وكمواطن أردني ، فإنني لا أجد عذرا للنواب الذين لم يقرأوه ، مع أن الحكومة وزعته عليهم واحدا واحدا إلى جانب البيان في شكل كتاب أبيض مطبوع يحوي 209 صفحات من القطع المتوسط .

كان على النواب الأفاضل مناقشة أهداف البرنامج وإجراءاته التنفيذية ، ونظرته المستقبلية للإقتصاد ، والملخص التنفيذي للمالية العامة ، وقطاع الإستثمار والصناعة والتجارة ، وقطاع الزراعة ، والسياحة ، والتشغيل والتدريب المهني والتقني ، وتنمية المحافظات ، ومكافحة الفقر ، والصحة ، والتعليم العام ، والتعليم العالي والبحث العلمي ، وقطاع الثقافة ، والشباب والرياضة ، والنقل والأشغال العامة ، والإسكان ، والمياه والصرف الصحي ، والإتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، والبيئة ، والتشريع والعدل ، والقطاع العام ، كما لم يتطرق السادة النواب لبنود برنامج النسور الأخرى من مثل : إطار العمل السياسي ، وقطاع الأمن والسلامة ، والتعامل مع ملف اللاجئين ، أي أن هناك 58 قطاعا ناقشها البرنامج ، وقدمها النسور مكتوبة ومفصلة مع بيانه المطبوع الذي لم يتعد 57 صفحة من القطع المتوسط أيضا ، ولم تتم مناقشتها بندا بندا كما يتطلب واقع العمل الجاد .

إن المطالب التي تقدم بها النواب ، والإنتقادات التي وجهوها للرجل ، تأتي في باب الإجتهاد ، ولئن كان الرئيس اجتهد وأخطأ في تقدير بعض الوزارات ، فإن ذلك لا يعني أن تتم محاسبته وفق ذلك طالما أنه أكد على إجراء تعديل فوري على الحكومة بعد أن استأذن الملك فيه .

أتمنى ، كمراقب ليس إلا ، أن يقرأ النواب برنامج الرجل ، كونه برنامجا حافلا بالحلول ، وإن كان هناك من نقد على أي قطاع فبالإمكان مناقشته فيه ، لا أن ننسف الحكومة ونحجب عنها الثقة لمجرد أن الوزير الفلاني لم يعجبنا ، أو أن الوزير العلاني لم يقنعنا أو للسبب إياه : " أن النسور لم يوزر نوابا في الحكومة " .

إن رجلا تقدم ببيان وزاري ، وبخطة عمل لأربع سنوات ضمن برنامج مدروس ومحكم ، جدير بنيل الثقة ، لأنه الوحيد الذي فعل ذلك ، ولا يجب أن ننسى أن بعض الرؤساء اعتبروا خطاب العرش بيانا وزاريا .

امنحوا النسور الثقة ، وحاكموه على برنامجه وأدائه ، وأنتم - في النهاية - مجلس نواب ، بإمكانكم سحب الثقة منه وفورا إن لم يقنعكم أداؤه لاحقا ، أما أن تحجبوا عنه الثقة ، كما يهدد نواب وكتل ، فإني أطلب من كل من سيفعل ذلك أن يسمي لي شخصا أقدر أو أكثر كفاءة وخبرة من عبد الله النسور الذي حمل مسؤولية تشكيل الحكومة في أصعب ظرف ، وهو تكليف لا يحسده عليه أحد .

 

د.فطين البداد

fateen@jbcgroup.tv

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات