الجيش الأردني وصواريخ " باتريوت " وتهديد الأسد !
أنْ تحذر السفارة الأمريكية في عمان رعاياها من التواجد في أماكن الإكتظاظ ، وخاصة منطقة المسجد الحسيني ومحيط أمانة عمان خلال المسيرات ، مؤشر ذو دلالة على أن درجة التحذير من أعمال إرهابية أخذت طابعا جديا هذه المرة .
لم يقل أحد : إن الإستعانة بالخارج عمل محمود ، ولكن هذه الإستعانة ، لها محدداتها ولها أسبابها " التحذيرية " و" العملية " :
فالتحذيرية منها ، ذات صلة بتهديد بشار الأسد للأردن بشكل مباشر ، ولئن كان هذا الرجل قصف شعبه بالأسلحة الكيماوية ، فإنه قد يفعلها مع الأردنيين دون أن يرف له جفن ، خاصة وأن لديه وسائل قذف " صواريخ " بإمكانها أن تصل أي مكان في بلدنا ، ولكم أن تقيسوا المشهد بالأتراك ، فأولئك الذين يصل الناتج المحلي الإجمالي لديهم إلى ترليون دولار سنويا ، استعانوا بالحلف الذي هم أعضاء فيه " حلف الناتو " وطلبوا على عجل ، ان تنصب بطاريات باتريوت قريبا من حدودهم لاتقاء صواريخ الأسد ، وكذلك الأمر بالنسبة لإسرائيل ذاتها التي كان مجمل حديث رئيس وزرائها خلال زيارة الرئيس أوباما الاخيرة يدور حول صواريخ إيران وحزب الله و" القبة الحديدية " التي زارها الرئيس ، ووضعت منصاتها قبالته خلال هبوطه وإقلاعه ، بالإضافة إلى نصب بطاريات باتريوت ووسائل الدفاع الأخرى ، حتى وصل الأمر إلى تزويد الولايات المتحدة للإسرائيليين بطائرات F 35 الأقوى والأحدث في العالم وغير المستخدمة إلا في سلاح الجو الأمريكي ، حيث زود الإسرائيليون بسرب آخر ليصبح لديهم سربان ، بحسب ما نقل موقع جي بي سي ، ناهيكم عن المساعدات الخفية الأخرى .
وإذا اكتفينا بالأمثلة هذه ، وهي غيض من فيض أمثلة أخرى ، فإننا نجد أن الإعتصامات التي انطلقت الجمعة في الأردن تحت عنوان : " الجيش يحمينا " كلمة حق أريد بها باطل ، لأن قدرة الجيش العربي الأردني لا ينازع فيها أحد ، وصلابة رجاله الأفذاذ والأبطال لا يناقش فيها اثنان ، ولكن : هل قال قائل : إن الجيش التركي لا يقوى على بقايا جيش النظام الأسدي ، وهل قال قائل : إن الجيش الإسرائيلي لا يستطيع قهر جيش الأسد أيام عزه ( ليس لضعف في رجاله الأشاوس ممن انشقوا عن النظام ، ولكن بسبب إهماله وتركه بلا أية مقومات قوة ، ولاحظنا ذلك في الطائرات التي اغتنمها الجيش الحر والتي ظهرت على الشاشات يأكلها الصدأ ) ؟.
إن أكثر ما يغضب ، أن تركب جماعة الإخوان المسلمين الموجة ، وتبدأ بالعزف على هذا الوتر ، حيث أصدرت بيانا طويلا عريضا بهذا الصدد معترضة فيه على الإستعانة بالأمريكان ، وهو اصطياد خبيث لا ينطلي على أحد .
إن مقاتلين أشداء هزموا الجيش الأمريكي في العراق وأجبروه على الإنسحاب ، وهكذا سيكون الأمر في أفغانستان ، مثال واضح على أن الأمر لا يقاس هكذا ، فما بالكم بشعبنا الأردني المشهود له بالحمية والنخوة والذي لا يقبل بأي وجود أجنبي بين ظهرانيه ، وما بالكم بجيشنا العربي الأقدر في المنطقة بهمة رجاله وقوة إرادته ؟؟ .. ولكن : لماذا لم يقرأ أحد المشهد من وجه آخر وبصراحة :
لنعترف أنه ليس لدينا أي سبل وقاية من الأسلحة الكيماوية ، وليس لدينا ما يردع نظام الأسد الذي أعلن أنه سيشعل النار باصابعنا ، فهل استعانتنا بأية خبرات ( بصورة ظرفية مؤقتة ) جريمة ؟ .
من حقنا أن نستعين بالشياطين لنتقي شرور الأبالسة ، فحماية الوطن ، واجب شرعي ووطني وقومي ، وليس الشرعي والوطني والقومي أن نكون لقمة سائغة لأسلحة كيماوية مجرمة جربت على السوريين وليس مستبعدا أن نكون هدفها القادم ! .
وإني أسأل أخوان الأردن : طالما أنكم تستعرضون عسكريا وسط البلد في مشهد تحذيري بائس ، وطالما أن لديكم هذه القوة ، فإننا نطلب منكم أن تقفوا على حدودنا الشمالية - بدل بطاريات الباتريوت - ، وتمنعوا عنا غاز " السارين " وغيره .
إن الإستعانة بخبراء أسلحة كيماوية ليس عيبا ، طالما أن هذه الإستعانة مؤقتة وتنتهي بأجل محدد مرتبط بوجود هذا النظام الذي قد يفعلها ويسقط صواريخه الكيماوية على تجمعاتنا السكانية ، خاصة وأن له تجربة في هذا الشأن .
أخيرا : اقول لإخوان الأردن : إن كنتم تقولون : إنكم حريصون على تقوى الله ، فلماذا لا تتقونه إذن في البلد ، وشعب البلد ! .
د.فطين البداد