قوى متنفذة أعادت قانون " من أين لك هذا " إلى اللجنة القانونية
أعاد مجلس النواب في جلسة الأربعاء الماضي مشروع قانون " من أين لك هذا " أو " الكسب غير المشروع " إلى اللجنة القانونية في مشهد يكاد ينبئ بمستقبل العملية الرقابية برمتها .
فبعد إقرار سبع مواد في ثلاث جلسات ، وخلاف النواب حول المادة الثالثة التي تسمي المشمولين بالقانون ، بدا واضحا أن هناك أمرا ما دبر بليل ، لأسباب قد لا يوافقني عليها نواب وغيرهم ، ولكني أجزم بها لاعتبارات على تماس بطبيعة المادة المذكورة .
إن الذي يعود بالذاكرة إلى قانون إشهار الذمة المالية في العام 2006، وما جرى معه من تبييت في أدراج الأعيان عقب خلافات على نفس المادة أو مضمونها ، يجد أن الأسطوانة " المشروخة " هي ذاتها التي رقص عليها بعض النواب هنا ، والذين تذرعوا في أن هناك تناقضا وغير وضوح في بعض الفقرات ، وهو أمر كان بالإمكان مناقشته ، وليس إعادة كامل القانون ، خاصة وأن المجلس باشر نقاش مشروع القانون عمليا على مدار ثلاث جلسات ، والسؤال :
لماذا لم يؤخذ بالرأي الذي توافق عليه المجلس ، بتأجيل البحث في المادة الثالثة إلى ما بعد الإنتهاء من نقاش جميع المواد ، ولماذا صفق المصفقون وشمت الشامتون ، لأن القانون أعيد للقانونية وكأن انتصارا حققوه مع أن البلد خسر قانونا انتظره الشعب طويلا ، وحوله نوابه من " الكسب غير المشروع ، إلى " من أين لك هذا " .
إذا عرف السبب ، فقد بطل العجب ، حيث تضمن المشروع أن يشمل القانون ( أقتبس هنا عن المدينة نيوز ) : المدراء الموظفين العاملين والسابقين من رئيس الوزراء ورئيسي الأعيان والنواب وأعضاء المجلسين ، ومحافظ ونواب محافظ البنك المركزي ورؤساء المؤسسات الرسمية المدنية والعسكرية ومديريها واعضاء مجالس ادارتها والقضاة ، وموظفي الفئة العليا ومن يماثلهم في الرتبة والراتب في المؤسسات والدوائر العامة والسفراء وأمين وأعضاء مجلس أمانة عمان ورؤساء لجان العطاءات المركزية والعطاءات المدنية الخاصة والعسكرية ، ورؤساء المجالس البلدية واعضائها ورؤساء مجالس ادارات الشركات التي تساهم فيها الحكومة والضمان الاجتماعي ولجان العطاءات والمشتريات في الدوائر الحكومية والمؤسسات الرسمية العامة والبلديات واعضاء أي منها .
إن قانون " من أين لك هذا " ذو صلة مباشرة بالعملية الإصلاحية ، ولئن كانت بعض القوى غضبت من شمولها بالقانون ، فقد كان حريا بالنواب ان يستمسكوا بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ،ألا وهي مصلحة البلد والشعب ، وليس حفنة من المتنفذين الذين أتحدى أن يخرج القانون من أدراجهم ، وها هو رئيس اللجنة القانونية يقسم أنه سيعيد القانون للمجلس كما هو ، لتبدأ الحلقة المفرغة لقانون لا يراد له أن يرى النور، ولا أن يشمل لاحقين ولا سابقين ولا " قرود " .
أقترح أن تحذف أسماء كل الجهات الواردة في المادة الثالثة أعلاه ، ويستعاض عنها بالتالي : " تشمل أحكام هذا القانون المواطنين العاديين دافعي الضرائب فقط " .
أجزم أنه لو أقر ديوان التشريع واللجنة القانونية هذا النص لكان قانون " من أين لك هذا " منشورا في الجريدة الرسمية ، ومعمولا به فورا .
د.فطين البداد