حزب الله على حدود الأردن الشمالية ؟
عندما يهدد الرئيس السوري بشار الأسد الأردن بصورة مبطنة خلال حديثه الأخير مع الإخبارية السورية في السابع عشر من نيسان الماضي ،وهي المرة الأولى التي يفعل بها ذلك وبهذا الوضوح غير القابل للتأويل ، فإن الأمر لم يعد زلة لسان ولا مزحة " سمجة " من رئيس حُكمُه يتداعى ، بل إن الذي تلا ذلك الحديث يفوق الوصف ، حيث شنت وسائل الإعلام السورية الرسمية ومعها إعلام لبنان كله الموالي للنظام ولحزب الله هجوما مركزا على الأردن والقيادة الأردنية وصل إلى درجة " الردح " الذي لا ينضح إلا بما فيه ، ليستمر هذا المسلسل إلى أن وصل الأمر إلى إرسال مسلحين اندسوا بين اللاجئين ، وتم ضبطهم من قبل الأجهزة الأمنية الأردنية ، وآخره ، كان امرأة محزمة بحزام ناسف وفق ما نشره موقع المدينة نيوز في حينه .
وتبدى خطر النظام أكثر فأكثر ، عقب الغارة الإسرائيلية على جبل قاسيون في حوالي الثالثة من فجر الأحد الواقع في الخامس من أيار الجاري ، حيث أعلن الأسد بعدها بأربعة أيام بأنه يثق " ثقة عالية جدا بحزب الله ، وأنه مرتاح له ويشكره على عقلانيته ووفائه وثباته " .. مضيفا : " لذلك قررنا أن نعطيه كل شيء " وفق ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية ووكالات عالمية أخرى .
وما هي إلا أيام معدودات ، حتى زج الحزب علانية هذه المرة بقواته في المعركة ، مبتدئا بمنطقة " القصير " من مدن حمص التي احتل محطة المياه الرئيسية فيها ، ومن ثم قطع عنها المياه ، فاستبشر أهلها بالمطر الأخير الذي انهمر بغزارة غير مسبوقة في المدينة وما حولها وهو ما أثلج صدور الأطفال والنساء والشيوخ المحاصرين منذ أربعة عشر شهرا ، ، فقالوا قولتهم المشهورة عبر فيديوهات على اليوتيوب : إن حزب الله منعنا الماء ، وعوضنا الله بالمطر " .
ولم يمض على دخول الحزب المعركة علانية وبكل ثقله ، مدعوما بقيادات ميدانية من الحرس الثوري الإيراني وتوجيهاته ، وبقوات النخبة من مقاتليه ، حتى رأيناه وبصورة مفاجئة محتلا لـ " قرية غزالة " في درعا ، وهي قرية استراتيجية تربط طريق درعا - دمشق ، وما زالت قوات الحزب فيها حتى كتابة هذه السطور .
إذن : فقد اقترب حزب الله من الحدود الأردنية ، ويستعد وفق آخر القراءات والمعطيات إلى احتلال كامل درعا بمؤازرة من الحرس الثوري وسلاح الجو السوري والشبيحة .
فماذا يعني أن يكون حزب الله قريبا منا ؟؟ .
يعني وبتلقائية شديدة : أن الحرس الثوري الإيراني بات على حدودنا ، على اعتبار أن حزب الله ليس سوى فصيل متقدم من هذا الحرس المتطرف المجرم ، الذي تقول معطيات : إنه والحزب المذكور وراء تسريب صور ذبح الأطفال في بانياس وغيرها ، وأنه هو الذي يرتكب السبع الموبقات بحق المدنيين من غير المقاتلين ناهيك عمن يقع من المقاتلين بين يديه ، حيث يُسام سوء العذاب ويحكم عليه بالموت تحت التعذيب ، أي أن هؤلاء السفاحين - قتلة الأطفال الرضع ، والشيوخ الرُتع ، لا يعترفون بالإعدام " العادي " الذي ينهي حياة الأسير بطلقة في الرأس مع ما يعنيه إعدام أسير أوصت كل الشرائع والقوانين باحترامه وعدم إيذائه أو قتله ، بل إن منطقهم الشيطاني يوصي بأن يموت تحت التعذيب وبأشد الأساليب وأكثرها دموية ووحشية ، ليس هذا فقط ، بل إنه وبعد أن يقع عليه الموت يعمد القتلة الجبناء إلى تقطيع أوصاله ، أو إحراق جسده ، كما رأينا في فيديوهات مسربة من هؤلاء الشبيحة ، وآخر أساليبهم قيام مجموعة منهم بقطع العضو التناسلي لجريح من القصير ، أثناء وضعهم العصا في فمه في نفس الوقت الذي كان فيه أحد الشبيحة من حزب الله يدوس وجه الأسير الجريح بـ " بسطار إيراني " "وغير ذلك من مشاهد يندى لها جبين الإنسانية ، دون أن يفوتني التنديد بالفيديوالذي اشتهر بقيام مقاتل من الجيش الحر بمضغ قلب جندي قتيل ، وهو مشهد يشابه تلك المشاهد بالإجرام والقسوة .
إن قواتنا الأردنية المسلحة ، وأجهزتنا الأمنية اليقظة قادرة على درء الأخطار عن بلدنا وشعبنا ، ففي الحدود ليوث أردنية وسيوف صارمة ، وعيون لا تنام أبدا ، كما وإننا لسنا وحدنا ، ولكن : ألا يجدر بكل مواطن هنا ، أن يكون رجل أمن ، وجنديا وسلاحا مشرعا في وجه كل من يتربص بنا الدوائر ، من صفويين فرس يريدون أن يعيدوا مجدهم الغابر ويهيمنوا على المنطقة بأسرها ، إن لم يكن بالسلاح فبالمال والطائفية والدس والوقيعة ؟؟ .
لقد بات الأمر جديا ، رغم أن إعادة " خربة خزالة " بأيدي الجيش الحر ليست سوى مسألة وقت ، وها هي المعارك حولها تحتدم بقوة بعد أن أقسم الثوار على إعادتها ، بل إنهم حرروا يوم السبت بلدة " الحراك " وهي بلدة لا تبعد عن الخربة سوى أربعة كيلو مترات وحرروا اللواء 52 ، أي أن وجود بضع مئات من حزب الله بات مسألة وقت ، ولكن كل هذه الأحداث هي شواخص علينا قراءتها جيدا ، وعلى كل مواطن أردني أن يكون حارسا وجنديا ورجل أمن .. ، فنحن ، جميعا ، نفتدي بلدنا وشعبنا بالمهج والأرواح ، ويعلم أعداء هذا البلد من مختلف النحل والملل : أن الأردنيين وإن كانوا يختلفون في السياسة لبعض الوقت ، إلا أنهم متفقون على الوطن كل الوقت ، ولا نامت أعين الجبناء .
د.فطين البداد