عن ديوان المحاسبة واعتداء حراس السفير العراقي على أردنيين

تم نشره السبت 25 أيّار / مايو 2013 11:55 مساءً
عن ديوان المحاسبة واعتداء حراس السفير العراقي على أردنيين
د.فطين البداد

( 1 ) 

اعتداء حراس السفير العراقي على أردنيين

كنت أود الحديث عن أولئك الرعاع من موظفي السفارة العراقية في عمان الذين اعتدوا على مواطنين أردنيين الأسبوع الفائت في المركز الثقافي الملكي ، متناسين بأنهم متواجدون في عاصمة أخرى غير تلك التي امتهنوا فيها الناس من خلال الإنتقام الطائفي أولا ، والسياسي ثانيا ، وجعلوا نهرها يفيض بالدماء بدل الماء .

لدى الأردن مصالح تجارية مع العراق ، نفهم ذلك ، ولكن الكرامة أغلى من كل مصالح الدنيا ، وحديث وزير الخارجية الأردني السيد ناصر جودة مع موقع المدينة نيوز عن الحادثة " بالفيديو " خفف الوطء على صدور تغلي غضبا من هذه الفعلة ، خاصة بعد نقله اعتذارا رسميا من الحكومة العراقية ، وكشفه عن وفد أردني سيزور بغداد للإطمئنان عن أحوال أردنيين اعتقلوا هناك وعددهم 17 شخصا ، قال السفير العراقي في عمان لموقع جي بي سي نيوز الإخباري : إنه سيفرج عنهم وهو تصريح سبق واقعة الضرب ، ولا ندري هل اعتصام الأردنيين قبالة السفارة العراقية في عمان سيكون في صالح الإفراج عنهم أم لا ، على اعتبار أن تقارير ذكرت بأن الأردنيين المعتقلين هناك تعرضوا للضرب أيضا بعد الإعتصام ، وهو ما نفاه أيضا وزير الخارجية الذي ينتظر هوشيار زيباري في عمان قريبا .

والذي جعل الساحة تهدأ قليلا هو الوفد الشعبي والعشائري العراقي الذي زار ذوي الأردنيين المعتدى عليهم ، معتذرا عن تلك الفعلة التي لا تمثل العراقيين الحقيقيين ، المهمشين ، والذين يعتصمون ويتظاهرون منذ شهور طلبا للعدالة والإنصاف في بلد أصبح ساحة مفتوحة لإيران بما تعنيه هذه الكلمة من مدلول : إيران التي أصدرت فتاوى بـ " الشهادة " لكل من يقاتل أهل السنة في سوريا من عراقيين وأفغان ولبنانيين متمثلين بحزب الله " المقاوم الممانع " وما إلى ذلك من خزعبلات يستغرب كل ذي عقل أنها لا زالت تعشعش في عقول هؤلاء القوم الذين يصرفون " مفاتيح " و " جوازات سفر " إلى "الجنة " ! .

 ( 2 ) 

 ديوان المحاسبة في الأردن مجرد " ديكور " !

لديوان المحاسبة في الأردن مكان بارز في الدستور الأردني وهو مكان محصن ، منصوص عليه بالإسم ، ولكنْ لهذا الديوان أوجاعٌ لم يسبق أن نشرت تفاصيلها ، أللهم إلا النزر اليسير مما لا يسمن ولا يغني من معلومات .

لقد وقفت شخصيا على أهم أوجاع هذا الديوان الذي يواصل موظفوه أعمالهم ورقابتهم في مختلف الوزارات والدوائر والمؤسسات ، وكل من يشملهم مجال عمله ، فكان الأهم والذي لا أهم منه أبدا هو " توصيات " هذا الديوان التي لا يقرأها أو يسمعها أحد ، ولا يلتفت إليها ، لا حكومة ، ولا مجلس نواب .

ولمن لا يعلم ، فإن تقارير الديوان تسلم إلى مجلس النواب وليس للحكومة ، بنص الدستور ، فكيف يتعامل مجلس النواب مع تقارير الديوان التي تسلم في العادة ، لرئيس المجلس ، وبينها تقارير " سرية ومكتومة " لا يصل إليها أحد ، ولم يسبق لرئيس مجلس أن وزعها على النواب ، أقصد السرية منها - مع أن الدستور يجبره على فعل ذلك .

وأوجاع الديوان ، وموظفيه كثيرة ، ويقتصر عملهم على المتابعة والتحقيق ، أو التوصية بتشكيل لجان تحقيق بملايين صرفت بدون وجه حق ، ويوصي الديوان في أكثر من قضية بأن يشترك مندوبوه في أي لجنة تحقيق ، لتكون المفاجأة - في الأغلب - أن أي لجنة تحقيق تم تشكيلها ، لا تشرك الديوان معها ، وتخرج بتقارير لا يملك الديوان إلا التعليق عليها بعبارة " تم تشكيل لجنة تحقيق ولا زال الموضوع قيد المتابعة " .. أما متى ستكون هذه المتابعة ، وكيف ، فإنه لا أحد يدري ، حتى الديوان نفسه .

أذكر أن مجلس النواب قبل السابق ( الخامس عشر ) دقق في جلسة واحدة تقارير ديوان المحاسبة عن 6 سنوات ، فهل هكذا هو العمل البرلماني ، وهل الست سنوات التي قضايا الديوان " يكدح " في سبيل الوصول إلى خباياها وخفاياها كانت للتسلية ، أم أن وراء الأكمة ما وراءها .

أقول وبملء الفم : إن هناك قوى لا تريد للديوان أن يعمل ، وهي قوى تعطل الدستور ، ومجلس النواب ، أو رئاساته بالأحرى ، تشترك في تحجيم عمل الديوان، وإلا فليقل لي أحدهم : ماذا فعلت المجالس النيابية المتعاقبة بالملايين التي كشفها و" كفشها " ديوان المحاسبة ، ولماذا ذهبت أدراج الرياح .

لم يسبق لي أن قرأت : أن أحدهم طلب تعديلا على الدستور يتعلق بديوان المحاسبة ، ويجعل منه ذراعا تنفيذيا ، بدل أن يكون رقابيا لا حول له ولا قوة ، ويذكرني هذا الأمر بهيئة مكافحة الفساد التي تكتفي بكتابة تقارير وليس لها اي قوة تنفيذية ، وهو ظلم واقع على الهيئة التي يواصل موظفوها العمل ليلا نهارا ، لتنتهي تقاريرهم إلى الأدراج للأسف ، قبل أن يعدل القانون ، بل إنه من المضحك ما كشفه رئيس الهيئة السيد سميح بينو لموقع المدينة نيوز ذات اتصال عن : أنه هو شخصيا اشتكى على مواقع إخبارية حاولت اغتيال شخصيته وشخصية الهيئة ، فكيف لهيئة ، يشتكي رئيسها من ابتزاز بعض الصحفيين ويشتكي عليهم لدى القضاء أن تكون حاسمة في تقاريرها وتوصياتها ، مع وجود تناقض رهيب بين صلاحياتها وصلاحيات مجلس النواب الذي يعتبر نفسه معنيا بتقارير الهيئة أيضا ، وكلنا يذكر السجال العنيف الذي دار بين رئيس سابق لمجلس لنواب وبين رئيس الهيئة، وأكرر : قبل تعديل القانون .

إن الأدوات الرقابية ، بما فيها تلك التي وردت في الدستور نصا ، تعاني من أوجاع لا بد من معالجتها لكي لا تكون مجرد " ديكور " أو " مبرر " لفساد يرد عليه مرتكبوه بقولهم : " لقد وردت القضية " س " في تقرير ديوان المحاسبة " .. ووردت القضية " ص " في تحقيقات هيئة مكافحة الفساد " .. وكأن ورودها في الديوان أوالهيئة هو الغاية ، مع أن الغاية هواجتثاث الفساد ، ومحاسبة مرتكبيه نوابا كانوا ، أم وزراء أم مسؤولين من مختلف الأحجام والأعيرة ، وبغير رقابة فعلية وأدوات تنفيذية ستظل تقارير الرقابة في الأردن حبرا على ورق .

 

د.فطين البداد

 fateen@jbcgroup.tv

 

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات