أرقام تنشر لأول مرة عن ضائقة الأردن المالية
أجدني مرة أخرى ، أكتب عن الضائقة الإقتصادية التي يعانيها الأردن لأنها هي الشغل الشاغل للمواطن والمسؤول ، فالأردن ، ورغم ضآلة حجم ناتجه القومي الذي لا يعادل ناتج شركة متوسطة ، إلا أنه - سياسيا - محط اهتمام الدول الكبرى شرقية كانت أم غربية ، لما يتمتع به من موقع استراتيجي هام ، وأيضا لكونه محاذيا - جغرافيا - لأهم بقعة في التاريخ : فلسطين ، تلك الأرض التي لم يخبُ اهتمام الدنيا بها منذ مطلع التاريخ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، لقدسيتها وتراثها ورمزيتها الخالدة .
هذا الأردن ، الذي نعشق ونحب ، بفقره وغناه ، ونشتاقه بحلنا وترحالنا ، لا زال يعاني الأمرين قبل أن يتمكن من تدبير " أموره " وتغطية نفقاته التي تذهب جلها " رواتب " بفعل سوء التخطيط وسوء التعليم وسوء الإدارة التي تشمل الإستثمار والإقتصاد بمختلف فروعه .
أخبرني وزير مالية سابق ، حصل راهنا على أرقام المساعدات والمنح التي تسلمها الأردن خلال العام 2012 ، وتلك التي تسلمها خلال الفترة المنصرمة من العام الحالي 2013 ، أن مختلف المساعدات تذهب إلى أبواب إنفاقها ما أن تحط في " الجيب " الحكومي ، بسبب عجز الموازنة ، واستحقاقات الإنفاق المختلفة ، دون أن يفوتني التذكير هنا ، أن نصف العام مضى وانقضى ، بينما لم يقر النواب الموازنة إلا في الأسبوع قبل الماضي ، أي أن كل الإنفاق عن نصف العام كان يتم بدون أي مسوغ قانوني ، اللهم إلا إن اعتبرنا القانون المؤقت قانونا عاديا حتى في ظل وجود برلمان .
تقول أرقام صديقنا وزير المالية المذكور : إن حجم المساعدات المقدمة للأردن وهي عبارة عن منح وقروض ميسرة ، خلال العام 2012 بلغت ما مجموعه : " 45 ، 3051 ( أي تزيد عن الثلاثة مليارات دولار ) بينما بلغت القروض الميسرة ما مجموعه " 3 ، 942 مليون دولار " ، ، في حين بلغ حجم المساعدات الخارجية التي تم التعاقد عليها خلال العام 2013 ( العام الحالي ) ولغاية كتابة هذا المقال ما مجموعه : ( 4 ، 476 ) مليون دولار ،.. ولما كانت جميع الإتفاقيات التي توقع مع الجهات المانحة لا تبرم إلا في الربع الأخير من العام ، فقد تم تحديد ذلك مسبقا وهي كالتالي مع التنويه بانها معلومات وأرقام تنشر لأول مرة :
1 - : اتفاقية قرض ميسر بكفالة الحكومة مع الصندوق العربي للإنماء الإقتصادي والإجتماعي بقيمة 107 مليون دولار .
2 -- اتفاقية قرض ميسر من البنك الدولي بقيمة 70 مليون دولار .
3 - : أما بخصوص المنح المقدمة من الصندوق السعودي للتنمية ، وهي منحة من حصة السعودية في الصندوق الخليجي للتنمية فهي :
أ - : برنامج البنى التحتية في المناطق التنموية بقيمة 75 مليون دولار .
ب - : سكة حديد الشيدية بقيمة 75 مليون دولار .
ج - : تطوير البنى التحتية للجامعات بقيمة 62 مليون دولار .
د - : طريق الزرقاء - مركز العمري بقيمة 120 مليون دولار أمريكي .
وإذا تفحصنا ما أوردناه أعلاه يتبين لنا أن العام 2013 سيكون صعبا وعسيرا جدا ، ويتبين أيضا أن كل " ضربة شاكوش " أو " دق مسمار " في الأردن يأتي من القروض والمنح ولا يرصد له من الناتج القومي أي قرش ، لأن هذا الناتج عاجز عن تغطية النفقات الجارية من رواتب وغيرها فما بالكم بأبواب الإنفاق الأخرى .
هل ستذهب مئات الملايين من المنح المذكورة أعلاه أو المنتظرة لعام 2013 على طريقة " تلبيس الطواقي " بمعنى : هل ننفق مساعدات الجامعات على رواتب إضافية وتعيينات إضافية ، وهل ننفق منحة سد الكرك - مثلا - على " حمولات زائدة " في مؤسسات حكومية ودوائر ووزارات ، وهل سننفق منحة استكمال البنى التحتية في المناطق الإقتصادية والتنموية على حفلات رقص تخرج لنا من علم الغيب مثلا ؟؟ .
إن سبب أسئلتي هذه ، هي معلومة توثقتُ شخصيا منها ولا مجال لإنكارها وأتحدى تفنيدها من أي كان ، وهي إنه وبسبب ضيق الحال ، فقد باع الأردن منحة قمح قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية في 20 - 9 - 2012 وقدرها 50 ألف طن .
هل تصدقون ذلك ..؟ ..
أنا - شخصيا - أصدق ، والأرقام التي أوردها صديقنا الوزير تلزمنا بالتصديق ، ولا قوة إلا بالله ! .
د. فطين البداد