لماذا خسرت جريدة الرأي 4 ملايين دينار ؟

تم نشره الأحد 07 تمّوز / يوليو 2013 12:05 صباحاً
لماذا خسرت جريدة الرأي 4 ملايين دينار ؟
د.فطين البداد

بلغني أن موظفي صحيفة يومية معروفة لم يستلموا رواتبهم منذ ثلاثة أشهر ، مما دعاهم للإحتجاج لدى نقابتهم ، بل ووصل الأمر لرفع دعاوى قضائية ضد صحيفتهم التي تمر بضائقة مالية ، كما يبدو ، ولم تفلح كافة التطمينات التي قدمتها الإدارة للعاملين والصحفيين.

وقبل هذه الصحيفة ، المستقلة ، اعتصم عشرات الصحفيين في صحيفة يومية عريقة ، يبدو أن مشاكلها تتفاقم تباعا ، إلى أن بلغ بها الأمر أن تتقدم لرئاسة الوزراء بطلب " ضمان قرض " وافقت عليه الحكومة، فاستدانت رواتب موظفيها من أحد البنوك .

ونستذكر معا إضراب الصحفيين في الرأي الذين نصبوا خيمة في فناء الصحيفة ، وطالبوا بزيادات وحقوق تمت الإستجابة لها بعد أخذ ورد ، مع أن صحفيي الرأي محسودون من قبل زملائهم في الصحف الأخرى ، لما يتمتعون به من رواتب أعلى ، وامتيازات أكثر ، لتتكشف بعد ذلك ضائقة تعانيها الرأي - هي الأخرى ، سنتبينها في السطور القادمة .

ربما يكون ضيق حال الصحيفتين الأولى والثانية ، هو من باب نافلة القول وتحصيل الحاصل ، أما أن نسمع عن ضائقة تعانيها الرأي ، وأن ترتد أرباحها إلى خسائر ، فهذا ما لم يكن يخطرعلى البال ، إذا أخذنا بالإعتبار أنها الصحيفة الوحيدة شبه الحكومية التي يعين رئيس تحريرها ومديرها العام ورئيس مجلس إدارتها باعتبارات خاصة .

ما الذي يجري بجريدة الرأي بالضبط ، وكيف باتت هذه القلعة الحصينة تتعرض لهزات ؟؟ .

أود في هذه العجالة ، أن أبين للزملاء في الرأي أولا ، وللرأي العام ثانيا حقيقة ما يجري ، وأخص : الرأي العام ، لكون المواطن الأردني يعتبر شريكا ومالكا للصحيفة من خلال الضمان الإجتماعي الذي يملك ما يقرب من 55 % من رأس المال ، وأنوه ، أن المعلومات والأرقام التي أنشرها هنا ، هي معلومات وأرقام موثقة ولا مجال للتشكيك فيها بالمطلق ، ولنعد إلى البدايات :

فقد تأسست جريدة الرأي ( المؤسسة الصحفية الأردنية ) كشركة مساهمة خصوصية خلال العام 1971 ، وظلت كذلك إلى أن تحولت إلى شركة مساهمة عامة في العام 1986 برأسمال يبلغ مليون دينار .

ومع مرور السنوات ، تمت زيادة رأس المال ليصل إلى خمسة ملايين وخمسمئة ألف دينار ، بسعر دينار واحد للسهم ، وفي العام 2011 جرى رفع رأس المال ليصل إلى عشرة ملايين دينار ، ويحق للمؤسسة بموجب الترخيص أن تصدر الصحف وأن تقوم بأعمال التوزيع والطباعة والنشر .

وتقول حقائق لا مجال لإنكارها ، ويعلمها المطلعون ، وأنا أحدهم ، أن المؤسسة التي يساهم فيها البنك العربي بنسبة 10 % بالإضافة إلى الضمان الإجتماعي كما قلنا ، ظلت أرباحها في تصاعد ، إلى أن بدت بالإنحدار في السنوات الأخيرة ، بعد أن طلبت الإدارة التنفيذية في المؤسسة منحها مزيدا من المرونة في الإدارة والتنفيذ وهكذا كان ، حيث أديرت المؤسسة بطريقة القطاع الخاص حرفيا ، وبدلا من أن تستقر الأمور بدأت مراحل مربكة وهي تغيير في الإدارات كل فترة ، حتى بات الأمر غير مستقر ، وباتت السياسات تناقض نفسها ، لأن كل إدارة كانت تود إثبات صحة طريقتها ، مما انعكس سلبا على المؤسسة بشكل عام ، وترافق ذلك بزيادات مستمرة ودائمة للأجور والرواتب والعلاوات والمكافآت والتعيينات غير الضرورية .

ولربما يعترض عدد من الزملاء على قضية التعيينات ( غير الضرورية ) هذه ، ولكنهم سيبلعون ريقهم ويعذرونني عندما يعلمون ، بأن 67 % من إجمالي إيرادات المؤسسة تذهب كرواتب ، بحيث تصل هذه الرواتب لعشرة ملايين وخمسمائة دينار ، وهو رقم خيالي كما ترون .

صدمة الرواتب وغيرها ، أضعف قدرة إدارة المؤسسة على جني أرباح لتتحول هذه الأرباح - لأول مرة - إلى خسائر بحوالي أربعة ملايين دينار خلال العام 2012 .

ولما كان الإعلان هو المصدر الرئيس للإيرادات في أي وسيلة إعلام ، ورقية كانت أم الكترونية أم مرئية أم مسموعة ، فإن قطاع الصحف الورقية كان أكبر المتضررين ، بحيث توزعت الإعلانات على وسائل إعلام منافسة بلا شك ، دون أن ننكر بأن نتائج الشركات عموما منذ العام 2008 شهدت تراجعا لا شك فيه ، بعد أن أجبرت الشركات على تقليص موازنات الإعلانات لديها ، ولقد تراجع سوق الإعلان في الأردن بنسبة 16 % خلال العام الفائت 2012 ، بحيث أثر ذلك على إيرادات صحيفة الرأي بنسبة 13 % .

وقبل ان أختم مقالتي التي آثرت أن أسوقها كتقرير بدون أي تعليق لكي لا تقرأ في غير سياقها ، لا يفوتني أن أذكر باكتشاف تجاوزات مالية بحدود خمسة ملايين دينار تم تحويلها إلى القضاء ، مع الأخذ بالإعتبار بأن إحدى إدارات المؤسسة تتقاضى راتبا سنويا بقيمة 63 ألف دينار بالإضافة إلى سيارة بمصروفها وسائق وتأمين صحي وتعويض نهاية الخدمة ، وقس على ذلك .

أتمنى لهذه الصحيفة العريقة أن تعود لقوتها وأرباحها ، لكون جريدة الرأي هي الجريدة اليومية الوحيدة المرشحة بقوة للإستمرار ، ولكنني أرى - بالمقابل - أن ذلك لن يكون إلا إذا قامت بتصويب بعض الأخطاء الإدارية والتشغيلية وقننت من نفقاتها ، وتحولت إلى صحيفة ألكترونية خالصة لتتخلص من عبء الورق و " دوشة " الطباعة .

والله من وراء القصد .

د.فطين البداد

fateen@jbcgroup.tv



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات