أحزاب أردنية بلا لون ولا طعم ولا رائحة

تم نشره الأحد 14 تمّوز / يوليو 2013 02:10 صباحاً
أحزاب أردنية بلا لون ولا طعم ولا رائحة
د.فطين البداد

لو استبعدنا في نقاشنا هنا عن الأحزاب الأردنية قانونها والعدد المطلوب  كشرط للتأسيس  ، ولو تجنبنا خلاف الأعيان والنواب عند إقرار القانون    حول العدد ،  وكيف أن الأعيان هم الذين اشترطوا الخمسمئة منتسب ،  مضاعفين المئتين والخمسين التي  أرادها النواب   ، والعشرة بالمئة المخصصة للنساء  ، وما نص عليه القانون من أن  نسبة المؤسسين في كل محافظة يجب أن لا تقل  عن خمسة بالمئة ، لو استثنينا كل ذلك ، ونحينا جانبا قصة مرجعية الأحزاب التي تشبه قصة " إبريق الزيت " :  هل هي تتبع الداخلية ، كما حسم أمرها الآن ، أم تتبع وزارة التنمية السياسية أو غيرها ، فإنه لا بد من التسليم بأن الاحزاب الأردنية فشلت فشلا ذريعا في استقطاب جماهير الشعب الأردني ، ليس بسبب أنها أحزاب وليدة ، ولكن لأنها - بأغلبها - أحزاب عائلية أو شخصية فاشلة  من الأساس ( أقصد البعض )  ولن يستطيع أحدها مما نقصد ونعني وهي الغالبية الساحقة منها أن يجمع أنصارا  ملء " بكب أب " كما يعلق الأردنيون .

ولو استثنينا حزب جبهة العمل الإسلامي المهيمن على  الساحة  الحزبية ، وحزب الوحدة  ، وواحدا أو اثنين أو حتى ثلاثة أحزاب من تلك التي تعتبر جادة وواعدة ، فإن بقية العشرين حزبا التي سجلت واعتمدت بوزارة الداخلية تصبح " حمولة زائدة "  شأنها شأن مؤسسات وهيئات أخرى وعدت الحكومات المتعاقبة أن تدمجها أو تلغيها ، وأقترح - بهذه المناسبة -  أن تدرج " الاحزاب " ضمن الهيئات والمؤسسات المستقلة الآيلة للإلغاء  ، وهذا على سبيل التفكه .

بلغني أن موازنة الدولة الأردنية المرهقة تدفع لكل حزب سنويا مبلغ 50 ألف دينار  كنوع من  الدعم الذي " قد " تحسن فيه الأحزاب من أدائها ، أو لعله مبلغ يدفع لأسباب أخرى ، وما يعنيني هنا : هو أن المليون الذي   دفع  للأحزاب العشرين  المعتمدة من قبل وزارة الداخلية خلال العام  2012 ، وهذه معلومة بالمناسبة ، ليست مقتصرة على هذا المبلغ ،  طالما أن القانون يمنح الأحزاب حق تلقي التبرعات من الأردنيين  بحد أعلى قدره خمسون ألف أخرى ، أي أنه بإمكان كل حزب ، أن يجمع مئة ألف دينار ، نصفها من الدولة ، كل عام ، ورغم ذلك ، فإننا لا نكاد نسمع ونرى  لبعض هذه الاحزاب لا جعجة ولا طحنا .

أعتقد أن الساحة السياسية في الأردن ستظل خالية من أي منافسة حقيقية مع الإسلاميين ، طالما أن نظرة المجتمع للتحزب والأحزاب لا زالت تتعاطى مفاهيم وانطباعات السبعينات والثمانينات بل والتسعينات من القرن المنصرم  ، حتى وصل الأمر بالمجتمع أن ينبذ الحزبي ويتبرأ منه ، وهذه " سيمفونية " نسمعها من أمناء بعض الأحزاب الذين فاتهم أن تثقيف الناس بالحزب وأهدافه وخططه وانغماسه في قضايا المجتمع السياسية والإجتماعية وغيرها هو الذي سيغير نظرة الناس للأحزاب ، ويجعلهم يتقبلون فكرة " الحزب والتحزب " ، لا أن نضع اللوم على المجتمع ، وننظر إليه كأنه " دهماء " بينما  نعتبر أمناء الأحزاب  هم " النخبة " بغض النظر عن ثقافتهم طالما أنهم لديهم مقدرة مالية أو عشائرية أو غيرهما .. دون أن نهمل دور الدولة التي يجب أن تجعل من فكرة التحزب والأحزاب " عقيدة " لا بد من اعتناقها رسميا فعلا ، لا قولا ، وليس فقط تخصيص مبالغ مالية لكل حزب اجتاز شروط التأسيس .

الإسلاميون  نجحوا في حزبهم ليس لأن أفكارهم  مقبولة ، أو مآربهم منتظرة ،  ومقاصدهم " مهضومة " بل لأنهم  اعتمدوا استراتيجية البناء والتنمية في الإنسان  ،  فبات الملتحق بهم متشربا من أفكارهم ومقتنعا بتوجهاتهم ، بغض النظر أكانت هدامة أم بناءة ، رغم أن علاماتهم الفارقة هي استغلال الدين والعزف على وتره  ، والأردنيون  متدينون بطبعهم .

لا أقترح هنا اجتراح مبدأ عقائدي ، أو فكرة فلسفية ، أو ما شابه لمقارعة الإسلاميين ، بل أن تنزل الأحزاب إلى الشارع  وأن تحتك بالناس ، وتكون معهم في أفراحهم وأتراحهم ،  سواء على الصعيد الجمعي أو الفردي  ، لأنه بغير ذلك ، فإن أغلبية الأحزاب الأردنية سيظل شغلها الشاغل كيف تنتهي السنة الحالية ، لتحل السنة القادمة التي تحمل بشائر الـ 100 ألف دينار ،  ولا بأس - حينها - من تكرار واجترار التجربة الفاشلة إياها ، وهي أن يقتصر دورها على إصدار البيانات من خلف المكاتب ، والأمر كله لا يحتاج سوى لكمبيوتر وسكرتيرة وفاكس وإيميل وكان الله بالسر عليما .

 د.فطين البداد

 fateen@jbcgroup.tv

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات