لقطاء الشوارع وإنهاء معونة ستة آلاف اسرة أردنية

تم نشره الأحد 28 تمّوز / يوليو 2013 12:07 صباحاً
لقطاء الشوارع وإنهاء معونة ستة آلاف اسرة أردنية
د.فطين البداد

عندما تتخذ وزارة التنمية الإجتماعية قرارا بإلغاء المعونة الوطنية عن مستفيدين منها ، وغالبا ما يكونون مستحقين لها، إذا استبعدنا بعض الحالات ، فإن هذا يعتبر تجديفا على المبادئ التي ما أنشئت الوزارة إلا من أجلها ، فالوزارة المذكورة حجبت المعونة - منذ بداية عام 2013 حسب علمي - عن ما يقرب من ستة آلاف أسرة ، بدعاوى مختلفة لا أرغب في الخوض فيها .

إن الاسرة الاردنية التي تتقاضى معونة شهرية من وزارة التنمية الإجتماعية ، ليست - في مجملها - تفعل ذلك ترفا ولا استغلالا ، إذا أخذنا في الإعتبار أن أي معونة تقدم ، أو أي طلب يعتمد ، لا تتم الإستجابة له إلا بعد أن يمر صاحبه واسم صاحبه على العديد من المراجع التي يجب أن تؤكد - بدورها - حاجة هذا المواطن للمساعدة الشهرية : فبالإضافة إلى دائرة الأراضي والضمان الإجتماعي اللذين يجب أن يثبت من يطلب المعونة أنه لا يستفيد منهما ، فإنه مطلوب منه أيضا أن يثبت بأنه لا يتقاضى أي معونات من أي جمعيات أخرى ، بحيث يعطى المواطن قائمة بعدد من الجمعيات ، ويطلب منه إحضار تواقيع هذه الجمعيات وأختامها قبل أن يتم اعتماد طلبه ، وبعد أن يتم اعتماد طلبه يخضع هو وأسرته إلى زيارات مفاجئة من الباحثين الإجتماعيين الميدانيين للوقوف على أوضاعه الإقتصادية ، والإجتماعية ، ويتم سؤال الجيران والمعارف " إن وجدوا " وتمحيص كل ما يتعلق بهذا الشخص ، ناهيك عن البحث عن اسمه ألكترونيا في مراجع عدة جهات ، أي أن كل مواطن أردني يدرج ضمن قوائم المستفيدين من المعونة الوطنية الشهرية ، يمر بما يشبه المستحيل ، ومن ثم يتم اعتماده ، والعجيب أن مدة اعتماده محصورة في ستة شهور ، أي أن عليه - بعد انتهاء تاريخ الكرت أو الدفتر الخاص به أن يمر في نفس العام بذات المسلسل من المصاعب والمتاعب من جديد ، فتبدأ رحلة " سندياد الأردني " تارة أخرى مرتين في العام على طريقة تجار قريش ورحلة الشتاء والصيف .

أما الأسر الذي تم حجب المعونة عنها ، فإن بعضها لا يعرف لماذا فعلت الوزارة ذلك ، وهل مرت معاملات شطب أسمائها بكل تلك الحيثيات التي مر بها المواطن قبل أن تقرر حجب المعونة عن عياله ، أم أن القضية لا تتعدى فنجان قهوة ، وتوقيعا من قلم موضوع على المنضدة يتثاقل في حمله موظف كسول ؟؟ .

إن الجهود التي تبذلها هذه الوزارة التي أعتبرها " استراتيجية " وليس خدمية فقط ، هي جهود جبارة ، إلا أن كل الجهود هذه تصبح " حراث جمال " إن تعلق الأمر بالنهايات ، والأمور تقاس بخواتيمها .

فلو أخذنا بالإعتبار - بالإضافة إلى الستة آلاف أسرة الآنفة الذكر - أولئك الذين يطلق عليهم " مجهولي النسب " وهم بالمئات ، فإن الوزارة تقوم بواجبها حيالهم ، ولكن إلى حين .

فلقد علمت بأن الفتاة والشاب من هؤلاء ، يظلون متمتعين بالعناية إلى حين بلوغهم الثامنة عشرة ، أما بعد هذا السن ، فإنه يتم إلقاؤهم في الشارع ، أي أن كل تلك السنوات من الرعاية والتدريس والنفقات تذهب سدى ، ويقول البعض : إن كثيرا من الفتيات اللاتي تتخلى عنهن الحكومة ، ممثلة بوزارة التنمية التي يجبرها القانون على ذلك ، يعملن في ملاه ونواد ليلية ،بحكم فقدان المعيل، وفقدان " الأمل " ، وإن كثيرا من الشباب يصبحون " أبناء شوارع " ويكفي أنهم حرموا من بعض حقوقهم الأساسية .

كيف لم ينظر مجلس النواب ، الذي من حقه اقتراح قوانين ، وكيف لم تنظر الحكومة لهذه القضية فتبعث لديوان التشريع أمرا بإعداد مشروع قانون يجبر وزارات ومؤسسات أخرى على متابعة هؤلاء بعد سن الثامنة عشرة ، أم أننا نكون نابهين وعاقلين إن التقطنا " اللقيط " من الشارع ، وبعد أن يصبح شابا نعيده إليه ونقول له " دبر حالك " .

أنا لا أطلب هنا من الدولة أن تحتضن هؤلاء إلى نهاية أعمارهم ، ولكن أطلب أن يتم تعديل القانون ، فلا يلقى أي من الشباب أو البنات إلى النوادي الليلية أو قاع المدينة إلا بعد أن يكونوا قد تعلموا مهنة نافعة ، ويتم تأمينهم في أماكن عمل تستفيد منهم ، وبذلك نكون قد حافظنا على المجتمع ، وعلى هؤلاء المواطنين الغلابى وأعطيناهم بعض الدفء والأمان .

إنني أثني على جهود وزارة التنمية الإجتماعية التي تعيل ما يقرب من 80 ألف أسرة أردنية برواتب شهرية قد تصل إلى مبلغ 70 مليون دينار سنويا ، ولكني أطلب من وزيرتنا المحترمة أن تراعي الأسر التي تحجب عنها المعونة ، وأن لا تكتفي بتقارير ميدانية قد تكون غير ميدانية ، وأن تكون هي المبادرة في طلب تعديل القانون الذي يجبرها على التخلي عن مئات من الشباب والبنات الذين يعيشون في هذه الأثناء " على الأرصفة ، لأن من صميم عمل الوزارة ، ليس فقط التقاط المتسولين من على الإشارات الضوئية ، بل - أيضا - منع آخرين هي ربتهم ، واعتنت بهم لثمانية عشر عاما ، من أن يكونوا هم أيضا متسولي إشارات ، او زبائن سجون !.

د.فطين البداد

 fateen@jbcgroup.tv

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات