من يمول دراسة الطلاب السوريين في الأردن ؟
لا ينكر إلا معدوم الضمير ما يقدمه الأردن الرسمي والشعبي للاجئين ، وخاصة السوريين منهم الذين يمرون بمحنة كبرى ، لو ولجنا إلى أعماقها فإننا سنقف عند أحداث وقصص تشيب لها الولدان ، وتخر لها الجبال هدّا .
ولأن الموسم الدراسي في الأردن على الأبواب ( 28 آب الجاري ) ، فإنني أود أن أخصص هذه المقالة لهذه القضية ، وأخص بالذكر أولئك الذين يدعون أن التلاميذ والطلاب السوريين يأكلون من حصص الطلاب الأردنيين التعليمية ، أو من مخصصاتهم المالية ، مع أن هذا غير صحيح ، دون أن يعي هؤلاء ، بأن الأردن العربي، كان دائما موئلا للأحرار ، وملجأ للمستضعفين.
ولقد أثارتني مقالات كتبها بعض الكتاب الأردنيين تبرمت من وجود هؤلاء الأخوة بين ظهرانينا ، وكأن من كتب هذه المقالات يحمل هؤلاء المساكين على ظهره ، ويطعمهم من " كيسه " .
ولأنني مطل من الداخل على معاناة مخيم الزعتري - مثلا - وأعلم مقدار الجهد الذي تبذله الحكومة الأردنية والمنظمات المعنية بتقديم المعونات وأسباب الحياة للاجئين السوريين فيه ، فإنه لا بأس من الوقوف عند جانب مهم من حياة هؤلاء الأخوة الذي أجبرتهم الظروف القاهرة على القدوم إلى بلدنا .
ولكي تتضح الصورة أكثر ، فإنني أنشر في مقالتي هذه أرقاما حصلت عليها ، تكشف بأن الموازنة الأردنية ، أو بالأحرى ، موازنة وزارة التربية والتعليم لا تتكبد أي خسارات بسبب تدريس هؤلاء الضيوف ، وأتحدث هنا عن الجانب المالي ، تاركا ما يمكن أن يقال حيال الجوانب الأخرى من بنى تحتية وغيرها إلى موضع آخر .
لقد قبلت المدارس الحكومية والخاصة - بداية الأزمة - بالطلبة السوريين ، وقد تم توقيع " بروتوكول " بين وزارة التخطيط الأردنية ومنظمة اليونيسيف لدعم وزارة التعليم الاردنية في تحمل مسؤولياتها ، إلا أنه وبعد تزايد أعداد اللاجئين، تم افتتاح مخيم الزعتري بمحافظة المفرق ، وعقب ذلك تقرر العمل بنظام الفترتين .
ولكي أضع الأرقام الموثوقة أمام القارئ الكريم ، وأمام الباحثين فإنه لا بد من ذكر التفاصيل لتصبح الأرقام مرجعا مهما كونها أرقاما تنشر لأول مرة :
لقد تم توقيع بروتوكولين اثنين ما بين وزارة التخطيط واليونيسيف خارج مخيم الزعتري بدعم مقداره : ( 256 ، 043 ، 2 دينارا ) منه مبلغ ( 230 ، 352 ، 1 ) تصرف مباشرة من منظمة اليونيسيف . وتم توقيع بروتوكول داخل مخيم الزعتري بدعم مقداره : ( 155 ، 302 ، 3 دينارا ) منه مبلغ ( 226 ، 191 دينارا تصرف مباشرة من اليونيسيف .
وإذا وقفنا على آلية الصرف من هذه المساعدات ، فإن المبالغ تصرف عن طريق وزارة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية ، وللتذكير ، فإن أي إنفاق من هذه المبالغ يخضع لرقابة ديوان المحاسبة ، بحسب ما تقول وزارة التخطيط ، أي أن أجهزة الدولة الرقابية تشرف مباشرة على أي مبالغ يتم صرفها ، وهي قضية في غاية الحساسية ، خاصة في ظل الحديث عن شبهات فساد في أكثر من قضية ، وبعضها تنظره المحاكم ، ولقد جاءت قائمة الصرف على النحو التالي :
1 - : لوازم مدرسية وصيانة مبلغ ( 730 ، 105 ، 1 دينارا تصرف من اليونيسيف مباشرة حسب البروتوكول .
2 - : أثمان كتب مدرسية بقيمة ( 200 ، 143 دينار تم تحويلها للمديريات وتم إرجاعها إلى مركز الوزارة بدل أثمان كتب مدرسية لما مجموعه 5000 طالب .
3 - : رواتب معلمين بقيمة : ( 500 ، 706 ) دينار تصرف للمعلمين الذين تم تعيينهم على حساب التعليم النظامي ، ( 140 ) معلما ، براتب قدره 350 دينارا شهريا .
4 - : تدريب معلمين على استراتيجيات التعليم بقيمة 850 ، 95 دينارا .
5 - : تغذية مدرسية للطلبة السوريين بقيمة ( 247 ، 500 ) دينارا وهي من مسؤولية اليونيسيف ومنظمة التغذية العالمية .
6 - : التنسيق والمتابعة والإشراف بقيمة 400 ، 38 دينارا كدعم إلى وزارة التربية والتعليم ومنها لأعضاء الفريق الذي يقوم بالإشراف من داخل مخيم الزعتري ، بما فيه : مدير موقع ، مدير مدرسة ، مساعد ، مدخل بيانات ، محاسبون، معدو تقارير ، موارد بشرية ، ومسؤول لوازم .
وكما تلاحظون ، فإن الجانب المالي تمت تغطيته تماما ، بل إن عشرات المعلمين تم تعيينهم فعلا ، ويتقاضون رواتب من خارج موازنة الوزارة ، والتمويل من اليونيسيف كما ترون ، وما سبق كان من داخل الزعتري .
أما خارج الزعتري ، فإننا إذا ما ألقينا نظرة على النفقات التي يشير كثيرون أن وزارة التربية والتعليم تتكبدها جراء تدريس السوريين خارج المخيم ، فإن هذا الإنطباع يتلاشى بعد أن يعلم هؤلاء بأن المبلغ المرصود من خارج موازنة الدولة الأردنية هو تماما ( 000 ، 302 ، 3 ) دينار ، موزعة على الحقول التالية :
1 -- : رسوم وأثمان كتب بقيمة ( 000، 414 ، 1 ) دينارا ويتم توزيعها على 20 ألف طالب سوري خارج المخيمات .
2 -- : رواتب معلمين بقيمة ( 260 ، 215 ، 1 ) دينارا .
3 - : رواتب إداريين بقيمة ( 085 ، 191 ) دينارا .
4 - : اللوازم المدرسية بقيمة ( 000 ، 141 ، 9 دينارا من اليونيسيف مباشرة .
5 - : التدريب : 380 معلما ، بقيمة 895 ، 45 دينارا ، ويشمل جميع التدريبات .
6 - : الدعم النفسي والإجتماعي بقيمة ( 895 ، 45 ) دينارا ويشمل جميع المديريات .
7 - : وجبات تغذية بقيمة ( 215 ، 28 دينارا ، وتشمل 750 طالبا وطالبة في مديرية الرمثا وحدها .
8 - : المراقبة والتنسيق بقيمة ( 200 ، 77 ) دينار تعطى للجنة العليا في وزارتي التربية والتخطيط ، ولمنسقي البرامج والمحاسبين وفرق العمل ، ولمدراء تربية ومشرفين ومرشدين ، وكل ما ذكر لم يكبد الموازنة قرشا واحدا .
وبعد هذه الأرقام ، يأتي من يقول لك إن الطلاب السوريين " خسفوا " موازنة وزارة التربية والتعليم .
د.فطين البداد