تراجع تصنيف الجامعات : الأردنية مثالا
يعرف المتخصصون ، بأن ترتيب الجامعات عبر التصنيفات العالمية المعتمدة ، يعتبر دليلا مهما ليس فقط للدول ، بل للمنظمات الرسمية والأهلية ذات العلاقة ، و للطلبة الذين يحلمون في التخرج من جامعات محترمة ، تحتفظ باسم ودرجة ناصعة في سلم التعليم الأكاديمي بمختلف تخصصاته ، ومن أجل ذلك ، فإن حصول الجامعات الأردنية على مراتب متقدمة في التصنيف لا ينعكس عليها فقط ، بل يتعداه إلى الدولة ، والشعب الذي يحتضن هذه الجامعة أو تلك .
ولئن كانت المراجع التصنيفية متعددة وذوات شروط مختلفة ، إلا أن الأبرز يظل بارزا ، وذا الشروط الأدنى يظل في الأدنى ، غير أن أحدا لم يعلق إلا لماما على تراجع تصنيف الجامعات في الأردن ، وأصبح الحديث عن هذا الأمر ضربا من الترف أو العصف الذهني ، بل وصل الأمر لدرجة القول " أسكت بلاش فضايح " وكأن وضع الرؤوس في الرمال أنجى وأولى .
ولو درسنا بعناية سبب تربع الولايات المتحدة على أعلى درجات السُّلّم العالمي في التدريس ، مع تراجع كثير من الجامعات العريقة في العالم دون مستوى الجامعات الأمريكية ، فإننا نتأكد حينها بأن القضية برمتها هي " استراتيجية تعليم " وقوانين صارمة ولكنها مرنة بشروط ، ومدرسون أكفاء بغض النظر عن جنسهم وفصلهم وحسبهم ونسبهم ودينهم ، وإدارات تعليمية ومجالس تنتقي الكوادر التعليمية على قاعدة الكفاءة والإبداع ، وطلاب متفوقون فعلا وغير مقحمين إقحاما لأنهم الأوَلُ على المحافظة ، أو الأقل حظا ، أو أبناء العاملين في الجامعات أو أبناء أعضاء مجالس التعليم وغيرها من اعتبارات " مَسْخَرت " القبول في الجامعات الأردنية وهي كثيرة ومتعددة ويعرفها الجميع ، وبأن القضية أيضا : مستلزمات وحوافز للطلبة والمدرسين معا ( في الأردن لا يُرَقى المدرس إلا ببحث ، أما إبداعه في التدريس - إن أبدع - فلا يُلتفت إليه ، مما يجعل الأساتذة منصرفين إلى غاية أخرى شخصية لا علاقة لها بالطلبة ) وغير ذلك من أسباب ومسببات لا يتسع المجال لذكرها .
ولو أخذنا الجامعة الأردنية مثالا ، والتي هي " الأولى " على مستوى الأردن ، فلعلني لم أفاجأ بتراجع تصنيفهاعربيا وعالميا لمراتب أدنى ، بل كنت أتوقع ذلك ، ولا أرغب هنا في سرد الأسباب التي كنت أبني عليها توقعاتي تلك ، والتي ذكرت " جزءا " منها آنفا ، ولكني سأكتفي بسرد سريع لـ " الخطة " التي وضعتها الجامعة لرفع تصنيفها ، ومن الخطة ذاتها تنكشف بعض الأسباب المهمة ، وقد حصلت على الخطة المذكورة من صديق في الجامعة ، وتتمثل هذه الخطة في :
1 - : التركيز على الإرتقاء بجودة التعليم العالي من خلال تشجيع البحث العلمي .
وتعليقا على هذا البند أقول : كيف نشجع البحث العلمي للطالب والمدرس ولا يرصد لهذا البحث من موازنة صندوق البحث العلمي بوزارة التعليم العالي سوى بضع مئات مئات آلاف الدنانير مما لا يشكل شيئا يذكر في الناتج الإجمالي ؟ .
2 - : التركيز على رفع جودة التعليم في الجامعة بإعادة النظر في الخطط الدراسية والتركيز على مخرجات التعليم المستهدفة لكل برنامج أكاديمي ، وكل مادة يتم تدريسها ، وتطوير طريقة التدريس من خلال مواد تعلم ألكترونيا ووضع ما يناسب على موقع الجامعة الألكتروني مما يزيد من حجم الدخول على الملفات الغنية .
( وكأن الذي يقرأ البند السابق يقول تلقائيا : أين كانت الجامعة إذن ، طالما أنها ستقوم بكل هذا الآن ) ..
3 - : تطوير الناحية الإدارية في الجامعة وربطها بالموقع الألكتروني ..
( أي إنه لغاية الآن لم يتم فعل ذلك ، فلماذا ؟؟ ) .
4 - : عقد اتفاقيات مع جامعات ومعاهد بارزة في العالم .
( وأيضا أطرح نفس السؤال السابق ) .
هذه مجمل الخطة التي سربها إلي الصديق المذكور ، وهي من البديهيات كما ترون .
وكي لا أطيل ، فإني أكتفي بذكر التصنيف الذي حصلت عليه الأردنية ، وكما قلنا ، فلقد اتخذناها مثالا وعليها قس بقية الجامعات في الأردن :
فقد كانت في المرتبة " 11 " عربيا في العام 2011 ، أما الآن فهي في المرتبة " 16 " .
وكان ترتيبها سنة 2011 : " 1385 عالميا ، أما في العام 2012 فأصبح : 1674 .
والذي يغيظك : أن تراجع تصنيف الجامعة لم يؤثر على الإنطباع السائد : وهو أن الجامعة الأردنية هي أفضل الجامعات ، بغض النظر عن تصنيفها ، وهذه العقلية : " العصبية " يجب أن تنتهي فورا من أذهاننا وأذهان الطواقم الإدارية في الجامعات الأردنية ، والنظر بجدية لعملية التصنيف التي تعتمد عالميا ، أما إن رفضنا ذلك ، فإنه ، وبكل صراحة - ليس أمام رؤوسنا سوى الجدران .
د.فطين البداد