القصة الكاملة لدعوى بيع أسهم الضمان في بنك الإسكان
فوجئ الرأي العام في الأردن مؤخرا بما قيل إنها " صفقة " لبيع أسهم الضمان الإجتماعي في بنك الإسكان لشركة KREC وهي شركة مسجلة في بيليز BLIZE في أمريكا الجنوبية ، وهو ما دعا صندوق الإستثمار لإصدار تفنيد لهذه " المزاعم " .
لم تمر القضية بسلام في الأردن ، وباتت محور حديث الصالونات السياسية في عمان بل أشرع التفنيد ذاته ، العديد من الأسئلة التي لم تجد إجابات شافية عليها ، رغم قناعتي الشخصية بأن الأمر بحاجة إلى تدقيق .
بداية ، لا بد من أن أقف بالقارئ الكريم عند حجم أموال الضمان في أسهم بنك الإسكان، فلقد توفرت معلومات أن أسهم الضمان في البنك هي 800 ، 782 ، 38 مليون سهم، أي 39 ، 15 % من أسهم بنك الإسكان .
ومن حيث النقد المالي ، فإن حجم الصفقة هو 880 ، 261 ، 169 مليون دولار ، وتذكر الإتفاقية المزعومة : أن سعر السهم المتداول في السوق ضمن معادلة معينة يصل إلى 4 دنانير ، وتورد الإتفاقية أن الشركة تريد شراءه بـ 8 دنانير ، ويقال إن هذه الشركة ليست سوى شركة غطاء ، أي إنها تابعة لشركات اخرى .
ويطلب العقد المزعوم الذي وصل الضمان إنذار بتنفيذ شرطه الجزائي لتخلفه عن إتمام صفقة البيع حسب المدعين : أن يتم التنفيذ على شريحتين خلال 60 - 90 يوما وفق ما جاء فيه ، علما بأن تاريخ الإتفاقية 18 - 3 - 2012 .
وتقول معلومات توفرت لدي من خلال محضر مساءلة رقابية تعرض لها السيد سليمان الحافظ ، رئيس صندوق الإستثمار في الضمان ، ( السيد الحافظ لم يكن في الضمان حين أبرمت الصفقة المزعومة ) : إن الذي وقع عن الشركة المزعومة شخص من مواليد 1982 ، وإن أول تبليغ من المحكمة وصل إلى الضمان كان بواسطة الإيميل وما لبث أن ورد بريد مسجل بعد حوالي الأسبوعين إلى مكتب رئيس صندوق الإستثمار .
وتقول الشكوى : إن الضمان لم ينفذ شروط البيع ، ولقد تبين بأن مدير عام الضمان الأسبق الذي تم الزعم بأن الإتفاقية وقعت بعهده لم يعلم بهذه الإتفاقية من أساسها .
وسبب هذه الدعوى أن الإتفاقية التي يطالب خصوم الضمان بتنفيذها تحوي شرطا جزائيا يقول : "
إذا لم تنفذ الإتفاقية فهناك غرامة مقدارها 20 % من قيمة الصفقة بالإضافة إلى فائدة قدرها 5 ، 6 % على المبلغ المطلوب من تاريخ المطالبة حتى تاريخ السداد ، والقيمة الإجمالية هي 93 مليون دولار ، أي أن مبلغ الـ 93 مليونا يمثل جزءين : الأول 20 % والثاني فوائد المبلغ الكلي 5 ، 6 كما قلنا .
وقد أبلغ السيد سليمان الحافظ رئيس صندوق الإستثمار في الضمان الإجتماعي الجهات الرقابية أن الدعوى وصلته بتاريخ 18 - 11 - 2013 ، وهنا يقول : " لما جاءتنا هذه الإتفاقية المزعومة بدأنا نبحث في سجلات ووثائق الصندوق ، ولم نجد أي أصل لا للإتفاقية ، ولا للمراسلات ، مع أنه ومن طرف خصومنا ( الشركة المزعومة ) فإنه لا يوجد أرقام : لا للكتب الصادرة ولا للواردة .
ويضيف : رجعنا لمحاضر مجلس الإستثمار فلم نجد أي شيء يتعلق بهذه الشركة بالمطلق .
وتكشفت حقائق لا بد لي من إيرادها هنا : وهي أن الإتفاقية حوت نقطتين : وهما أن التقاضي حول بنود هذه الإتفاقية يتم عن طريق التحكيم ، بحيث إن إجراءات التقاضي بإسلوب التحكيم ينطبق عليها القواعد المعمول بها في محكمة لندن الدولية للتحكيم ، أما النقطة الثانية فتقول : إن القانون الحاكم لهذه الإتفاقية هو القانون السويسري ، وأن المحاكم المختصة هي المحاكم السويسرية وخاصة الموجودة في زيوريخ بالذات ، أي أن هناك قانونا يحكم الإجراءات ( التقاضي ) وقانونا يحكم ( الفصل في هذه القضية ) .
وعن الإجراءات التي اتبعت ، فلقد علمت بأن الحافظ اتصل بصديق له موجود في لندن لإيجاد محامين هناك على قدر من العلم والشهرة ، لأنه حسب اتفاقيات التحكيم ، وكما هو وارد في الأوراق ، فإن على الضمان أن يمثل أمام التحكيم خلال 30 يوما من ثاني يوم من تاريخ التبليغ ، ويقول الحافظ : " حسبنا الوقت بالدقيقة ، رُشح لنا مكتب محاماة مشهور في لندن ، وقالوا لنا : طالما أن القانون السويسري هو الذي سيطبق في النهاية ، فنفضل أن تتعاملوا مع محامين من سويسرا .
وبعد هذا الإستعراض السريع لمجمل دعوى فوجئ بها الضمان رفعتها عليه شركة مجهولة ، فإنه لا بد لي من إيراد الأسئلة التالية ، وأيضا إجاباتها ، لكي أقرب للقارئ مجمل القضية ويكون المواطن على علم بكل صغيرة وكبيرة على صلة بها ، والإجابات التي سترد هي على لسان السيد الحافظ نفسه تسنى لي الإطلاع عليها وأنشرها حرفيا وقد ترد بـ " العامية " أحيانا :
سؤال : هل من الممكن أن يكون هناك اتفاقية فعلا ؟ .
جواب : أنا أقول اتفاقية مزعومة إلى أن يثبت العكس ، نحن سائرون لمعالجة هذا الموضوع بكل الأبواب المشرعة ، وأنا أقول اتفاقية مزعومة إلى أن يثبت العكس ، وإذا ثبت العكس ، فحتى لو كان التوقيع سليما فلدينا دفوع وقدرة ، لو رحنا بعقلية إنها اتفاقية مزورة وثبت أنها غير مزورة ، فسينقلب السحر على الساحر ، وسيطالبوننا حينها أننا أسأنا لسمعتهم ولوقتهم ويطلبون تعويضات .
سؤال : كل شيء ستعلنونه ؟ .
جواب : سنشرع أبواب المعلومات حتى لو طلع أصبع لأي كان في هذا الموضوع فمش رايحين نوفره .
سؤال : إن كنت مدير صندوق ولا تعرف أنه توقيع صحيح وغير صحيح فهذه كارثة ؟.
جواب : : ممكن تقول لي كيف أعرف ؟؟ .
سؤال : لماذا لم تبلغ النيابة العامة ؟
جواب : الصحيح أنه في النزاع بيننا وبين هذه الشركة ، لم نذهب إلى النيابة العامة لأنه ليس لدينا أية أدلة ، ونحن أبلغنا السلطات ولعل لها إجراءات لا تريد أن تعلن عنها .
سؤال : هل الأوراق التي سربت سرية ؟..
الجواب : لن ندافع عن أنها سرية أو غير سرية كل الأبواب مشرعة .. مستدركا :
( قد تكون أوراق سرية داخلية وهنا لا يمكن توريدها بالطريقة العادية ) .
سؤال : لماذا نضع محامين وهي وهمية ؟ .
جواب : لأن القرارات الصادرة عن التحكيم واجبة التنفيذ ، حتى في الأردن ، بموجب قانون تنفيذ الأحكام الأجنبية ، وهذه اتفاقيات دولية وقع عليها الأردن ، فإذا صدر حكم في الأردن على ناس أجانب تنفذ لأن الأردن موقع ، وهذه هي اتفاقية نيويورك لعام 1958 .
سؤال : هل سبق وعرضتم هذه الأسهم لشركات خليجية أو لغيرها ؟ .
جواب : تشير بعض الوثائق أن هناك شركة اسمها كويت كابيتال ، لهم رغبة في شراء أسهم بنك الإسكان ، وهي شركة ليس لها أي أسهم في بنك الإسكان ، وهناك أكثر من محاولة وحسب ما اطلعت على القيود فإنه صار هناك أكثر من محاولة ، وكانت أوراق رسمية من الضمان تقول إنه غير حاصل وإن أسهم الضمان " وقف " شرعي ، وكان صندوق الإستثمار يقول لا بيع لأسهم الإسكان ، اطلبوا أسهما أخرى وسندرس الموضوع ، مستدركا : ( أنا تقدم لي مستثمرون فأقول أطلب ما تريد رسميا وندرس الموضوع ، نحن منفتحين ) .
سؤال : هل هناك ممثل للشركة في الأردن ؟ .
جواب : لم يراجعنا أي شخص يدعي أنه يمثلها .
سؤال : هل جاء الشخص الذي يملك الشركة العربية التي تتبع لها الشركة الجنوب أمريكية إلى الأردن ؟ .
الجواب : دخل الأردن بتاريخ 27 - 8 - 2013 ، وغادر الأردن متوجها لى بريطانيا .
سؤال : هل كان له لقاءات مع بعض أعضاء مجالس الإستثمار ؟ .
الجواب : لا أعلم .
سؤال : هل الشركة مسجلة ؟
جواب : لا يوجد في بيليز بأمريكا الجنوبية ما يشير إلى هذه الشركة ، وهذه شركات لا تظهر إلى العلن نهائيا .
سؤال : هل حولوا نقودا ؟ .
جواب : لا .
سؤال : إذا لم يحولوا مبلغ البيع ، فلماذا يطالبون بتعويض 93 مليون وهم لم يحولوا أي مبالغ ولم نستلم أي مبالغ ؟ لماذا لا تكون الـ 93 مليون عليهم وليس علينا .
جواب : هذا سؤال مهم ، يجب أن ينتبه إليه المحامون .
سؤال : كم أمهلتكم المحكمة ؟ .
جواب : 30 يوما .
سؤال : هل نسخة الإتفاقية المزعومة تحوي أختاما أو ما شابه ؟ .
جواب : النسخة التي وردتنا غير مصادق عليها بأي أختام .
سؤال : والنسخة التي في المحكمة ؟ .
جواب : النسخة اللي في المحكمة ما شفناها ، يجب أن يشاهد الأصل محامينا بلندن .
سؤال : هل الشركة التي تطالب بالتعويض قادرة على شراء أسهم الضمان في الإسكان ؟؟ .
جواب : هذا سؤال هام جدا ، يجب توجيهه للمعنيين .
سؤال : لا ضير بعد ما توقع العقد أن تكون غير قادرة ، حتى لو كانت غير قادرة ، هذا إذا وقع العقد حقيقة .
جواب : يعني من حقي أن أسال السؤال في المحكمة كأحد الدفوع وهو : هل الشركة التي تزعم توقيعها العقد قادرة على الشراء ، كنوع من الدفوع .
سؤال : هل كان هناك حكي عن البيع منذ 3 سنوات ؟ .
جواب : شركة كويتية كانت تعرض الشراء .
سؤال : هل هناك شهود على البيع ؟ .
جواب : هناك 2 شهود أحدهما يدعى رحمان ، أعتقد أنه باكستاني .
***
إلى هنا أكتفي بنقل ما ورد في محضر جلسة تسنى لي الإطلاع على تفاصيل ما جرى فيها ، وإلى أن نصل إلى الحقيقة الكاملة ، سننتظر ونرى ! .
د . فطين البداد