الخطة الإقتصادية العشرية التي طلبها الملك
ليس صحيحا أن الخطة الإقتصادية العشرية التي طلبها الملك عبد الله الثاني من الحكومة قبل أيام عبر رسالة ملكية لرئيس الوزراء الدكتور النسور ، ستشبه أي برنامج سابق ، وخاصة برنامج التحول الإقتصادي أو غيره ، إن أحسنت الحكومة قراءة النص وما بعده .
فإذا كانت حكومة السيد علي أبو الراغب تبنت خطة البرنامج المذكور ، وأنفقت عليه مئات الملايين دون أن يشعر المواطنون بأية تغييرات في معيشتهم ، فإن ما طلبه الملك مبني على أسس ومحاور ، لو أحسنت الحكومة تحديدها لبلغ الأمر مداه ، ولحقق الشعب رجاه .
وإذا كان عدم الإستقرار المالي هو أهم ما يقلق جلالته ، فضمن الإستقرار أول بند في رسالته ، فإن الأمر بحاجة إلى وقفة فعلا مع أسباب عدم الإستقرار ، ولماذا استمر ويستمر كل عام وكل حين ، ونظرة سريعة لبقية البنود تنبئك بالأسباب والتفاصيل .
إن البنود الأخرى في الرسالة الملكية تقرأ المشهد تماما ، وتدلي بدلوها في تحديد ماهية هذا البرنامج العشري الذي بني في رسالة االملك في بنده الثاني على النمو ، ووقف العجز السنوي في الموازنة ، وخلق بيئة حقيقية جاذبة للإستثمارات لتشغيل الأردنيين ، وهذه القضية " بيئة جاذبة للإستثمارات " هي التحدي الحقيقي الذي تواجهه أي حكومة بما فيها حكومة الدكتور عبد الله النسور .
وإذا أردنا أن نركز على جانب من الرسالة الملكية فإننا نقف هنا ولا نغادر ، لأن همّ الإستثمار هم عميق الجرح ، غائر في الذات ، ولا يحس به سوى الإقتصاديين والمواطنين ، أما بعض الحكومات فلا تعبأ لا بتشريعات استثمارية ، ولا بقوانين قراقوشية تجعل المستثمر يفر بنفسه وماله ، قبل ان يغرق في وحل البيروقراطية والتضييق واللامبالاة على قاعدة : " وأنا مالي " .
قلت ذات مقال : إن المشكلة ليست في " كل " القوانين الإستثمارية ، بل في تطبيق هذه القوانين ، وتطويرها ، واختيار الموظفين المحترفين المؤمنين بأن البلد أمانة في أعناقهم ، لأن الحفاظ على الإستثمار وجلب رؤوس الأموال هو حجز الزاوية في انتعاش البلد مع مكملات لا بد منها تحدثت عنها الرسالة .
قد تقرأ قوانين إستثمارية أردنية فتستغرب فعلا : لماذا لا نتقدم إلى الأمام ، ولماذا نقف مكتوفي الأيدي حيال التباطؤ في التنفيذ ، فالمستثمر ، أي مستثمر ، لا تعنيه أرقام النمو ، بقدر ما تعنيه جدية صارمة في تنفيذ القوانين التي طالعها فجذبته إلى البلد ، وهي وحدها القادرة على إنقاذ الإقتصاد ، لماذا ؟ .
لأننا بلد بدون موارد ، وبدون تغطية عربية حاضرة كما كان يحدث قبل نهاية الثمانينيات ، وبدون الإستثمار فإن العجز سيستمر وستتلاشى الطبقة الوسطى إلى غير رجعة ، وحينها سيكون هناك غولان في الأردن : الإحتكاريون المتوحشون ، والفقراء المدقعون ، ولا ثالث بينهما حتى ولا الشيطان .
د . فطين البداد