عن دمج المطبوعات بالمرئي والمسموع : " هيئة الإعلام "
كنا قد طالبنا عبر مقالات عدة ، بدمج المؤسسات المستقلة المتشابهة ، غير أن شكوى رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور من أن الإبطاء يجيء من السلطة التشريعية وليس التنفيذية ، جعلنا ندرك أن هناك عصيا في الدواليب يحاول البعض وضعها عن سابق نية ، ولأسباب بعضها معروف ، وبعضها يحتاج لقارئة فنجان .
ولأن الدمج وقع مؤخرا على دائرة المطبوعات وهيئة المرئي والمسموع ، واختير للهيئة الجديدة اسم " هيئة الإعلام " فإني احب أن أتناول بعض النقاط التي قد تساعد إدارة الهيئة على تحسين البيئة الأستثمارية في حقل الإعلام ، طالما أن هذا هدف مشترك للدولة والمستثمرين وبالتالي للأردن .
وإذا قفزنا عن الترتيبات الداخلية من هيكل تنظيمي ووصف وظيفي وغيره ، والتي تقوم بها هيئة الإعلام استحقاقا لقرار الدمج الذي بات نافذا بعد استكماله كافة مراحله الدستورية ، فإن هناك خطوات على الهيئة قطعها في سبيل تحقيق مشروعها " المعلن " في تحسين ظروف الإستثمار الإعلامي في البلد .
فقد بلغني أن القانون المعدل المعني بالمرئي والمسموع ، وأيضا المطبوعات في طور التعديل ، ولا أدري كيف سيكون عليه الموقف الآن ، خاصة وأن المناقشات قطعت شوطا طويلا فكيف يكون هناك هيئة واحدة بقانونين ؟؟ وهو سؤال يجب الإجابة عليه من قبل ديوان التشريع نفسه ، بحيث يدمج القانونان ، ويعرضان على الدورة الإستثنائية ، أو حتى العادية القادمة ، ويفترض حل هذه المعضلة ، لأن هيئة الإعلام ، في الحالة المشهودة ، تعمل الآن بقانونين ، وهذا أمر غريب وغير طبيعي .
ولكن الأمر الذي يفترض الإنتباه إليه ، أن أي دمج للقانونين ليصبحا قانونا واحدا يتطلب تعديلات على المواد التي تضيق على الإعلام ، والإستثمار في كلا القانونين ، والخروج بقانون موحد يشجع المستثمرين لإقامة مدن إعلامية وقنوات وإذاعات ومواقع جادة كبرى وغيرها ، فإذا تم إزاحة المواد التي تعطل وتضيق على الإعلام بمختلف صوره ، فإن كثيرين " سيحجون " إلى الأردن ، وسيقيمون مشاريع إعلامية بالمليارات ، والمسؤولية تقع على عاتق الحكومة أولا لأن الهيئة في النهاية هي جهة رقابية وتنفيذية لقوانين أقرها مجلس الأمة ، ولم تقرها الهيئة .
ولكن ، ومن جهة الهيئة ، هيئة الإعلام الوليدة ، فإنه بات لزاما عليها أن تنزل عن السلم العاجي الذي وضعت نفسها فيه طوال سنوات ، وأن تتعامل بروح جديدة مع الإعلام والإعلاميين ومع كل من يعنى بالعملية الإعلامية بمختلف وجوهها وأنواعها ، فإذا كان صحيحا أن الهيئة لا تضع القوانين ، فإن الصحيح - أيضا - أنها في النهاية هي من ينفذها ، والعبرة في طريقة التنفيذ ، وتفسير البنود والمواد التي يجب أن تكون واضحة وغير مطاطة ، إذا أردنا أن نصل إلى إعلام أردني حقيقي نفتخر به أمام الآخرين .
لا يكفي أن تتشاور الهيئة مع نقابة الصحفيين ، أو مع الجسم الإعلامي كله ، لأن الإعلام ليس نقابة الصحفيين فقط ، مع احترامنا لها ، وليس مواقع فقط ، وليس صحفا وليس إذاعات ولا قنوات : إنما هو كل هؤلاء جميعا ، بالإضافة إلى الناس العاديين الذين هم أولا وأخيرا مرجعية الجميع ، حيث لا بد من أن يدلي الناس بدلوهم في الإعلام الذي يريدون ، لا أن نفصل لهم إعلاما يجعلهم يفرون إلى قنوات خارجية ، بسبب عدم ثقتهم بإعلامهم ، مما يشكل خطرا أمنيا وسياسيا ويعرض المجتمع كله لعواصف الإشاعات والأخبار الموجهة وغيرها ، فينقلب الأمر إلى ضده ، والحال إلى نقيضه .
سنراقب ونرى هيئة الإعلام الجديدة ، فإن أحسنت سنقول لها : أحسنت ، وإن أساءت فلن نسكت عن إساءتها ، وسنكون لها بالمرصاد ، ولا يسعنا في الختام إلا أن نقول لها : مبروك الدمج ، وعقبال المؤسسات المتشابهة الأخرى .
الدكتور فطين البداد