الأردن : بلد تحكمه القوانين أم شركات الكهرباء ؟
لا يعاني الأردنيون من ارتفاع فواتير الكهرباء فقط ، بل من التعسف – أحيانا – في فصل التيار عن بيوتهم ومؤسساتهم وأشغالهم وأعمالهم ، وبدواع شتى .
عدد الأردنيين الذين يفصل عنهم التيار يوميا يصل المئات في طول البلاد وعرضها ، ولئن كان من حق شركات الكهرباء أن تستوفي ثمن الطاقة التي توصلها للناس ، فإن من حق الناس ، أن يسألوا شركات الكهرباء هذه عن مبالغ التأمينات النقدية التي يدفعها المواطنون على العدادات ، وتذهب في علم الغيب .
صدقوا أو لا تصدقوا : أن شركات الكهرباء التي تفصل التيار عنكم تفعل ذلك لأنه لا حسيب ولا رقيب عليها ، لا من الحكومات ولا من غيرها ، فالضمائر الغائبة التي تأكل السحت والحرام هي دائما المنتصرة ، ولا يضير أصحابها أن يأكلوا في بطونهم نارا .
فإذا كان هؤلاء المئات الذين يفصل عنهم التيار لأنهم لم يدفعوا أثمان فواتيرهم ، وهو حق ، لا يعرفون بأن لهم حقوقا تأمينية على الشركات ، فإن من واجب الإعلام أن يدلهم .
لا أعرف ما هي العلة التي تجعل شركات الكهرباء تستوفي مبالغ تأمينية نقدية من المواطنين عند كل تركيب ساعة وعداد إلا إن كانت تخشى أن يفر االمواطن بعدادات الكهرباء خارج البلاد .
الشركات تستوفي مبالغ تأمينية من الناس لكي تضمن أنها لم توصل التيار للمواطن مجانا ، ويفترض بها أن تخصم من هذه المبالغ قيمة الإستهلاك ، وإلا فإن من حق المواطن سؤالها عن تلك المبالغ ، أم لعل هناك مآرب أخرى لمبالغ التأمين لا يعرفها العامة ؟ .
لقد بينت أوراق قدر لي الإطلاع عليها : أن مبالغ التأمين التي تجمعها الشركات تنفقها على نفسها من خلال مشاريعها الإضافية التي تقيمها ، فهل من العدل أن يدفع المواطن تأمينا لساعة منزله أو متجره أو شركته ، فتقوم الشركة التي قبضت المبلغ بتوسعة أعمالها على حساب المواطنين وبلا حسيب وبلا رقيب ؟ .
لقد بينت المعلومات التي لا ينكرها رئيس مجلس المفوضين في هيئة الكهرباء الأردنية أن ذلك يحصل فعلا ، ولا أظنه سينكر ذلك لأن هذا ما قاله هو شخصيا في كتاب رسمي .
ثلاث شركات اشتركت في جني هذه المبالغ من المواطنين هي :
1 – شركة الكهرباء الأردنية .
2 - : شركة توزيع االكهرباء .
3 - : شركة كهرباء محافظة إربد .
كل هؤلاء ينفقون أرصدة التأمينات النقدية التي يدفعها المواطنون على مشاريعهم ، فنريد أن نعرف : هل نعيش في بلد يحكمه القانون ، أم تحكمه شركات الكهرباء .
أنا هنا لا أتحدث عن مليون دينار أو عن عشرة ملايين ، إنني أتحدث عن 108 مليون دينار دفعناها – كمواطنين – تأمينات نقدية للشركات ، وإذ بالشركات تفصل التيار عن أرملة لا تستطيع دفع فاتورتها ، أو عن طالب مغترب عن أهله ، أو عن زوج عاطل عن العمل ، أو عن مريض بحاجة لـ " مروحة " .
أطلب من الحكومة ومن البرلمان فتح هذا الملف : فطالما أن شركات الكهرباء تتظاهر وتغلق شوارع وتحصل في النهاية على امتيازات وتجدد رخصها لعشرات السنين نظير مبالغ تافهة تدفعها للخزينة بعد فترات سماح طويلة ، فإن من حق المواطنين أن يسترجعوا أموالهم ، أو أن لا يتم فصل التيار عنهم إلا إذا تجاوزت فواتيرهم قيمة التأمين ، وعندها فإن الله لا يستحي من الحق .
الدكتور فطين البداد