وزير أردني يعلن فرحته بارتفاع الأسعار في رمضان ؟!
فوجئ الأردنيون الأسبوع الماضي بتصريح لوزير الزراعة عاكف الزعبي يبشر فيه الرأي العام والصحفيين - الذين التقاهم في الوزارة - بأنه : " مرتاح لعودة أسعار الخضار والفواكه إلى الإرتفاع " وهو التصريح الذي بثته وكالة الأنباء الأردنية بترا يوم الثلاثاء الماضي بعنوان " وزير الزراعة : انا مرتاح لعودة ارتفاع أسعار الخضار والفواكه " .
لأول مرة في تاريخ الدول ، يصرح وزير مسؤول : أنه مرتاح لارتفاع الأسعار على مواطنيه ، مع علم وزيرنا الدكتور بأن الناس في فاقة ورمضان على الأبواب .
والذي تابع الأسعار في الأيام الأخيرة ، قبل تصريح الوزير ، يدرك حجم الإرتياح الذي اختمر بشعور الأردنيين جميعا ، عندما تسنى لغير القادرين منهم شراء الخضار والفواكه بأسعار معقولة ، ولكن يبدو أن الوزير غاظه امتلاء " البطون " و " الصحون " والأسواق ، فأراد أن يعيدها خاوية .
ليس هناك من أحد عاقل لا يرغب في أن تغزو المنتوجات الأردنية أسواق العالم ، ولكن ، ليس فينا أحد "عادل " أيضا يصدر هذه المنتوجات إلى الخارج ويحرم منها الأردنيين الذين هم أحق الناس بأن يأكلوا من أفخرها وأكثرها جودة ، لا أن يبقي لهم التجار والسماسرة " سقطها " و" برارتها " ، فيضطرون لشرائها بأسعار تثير العصبية وتخرج الحليم عن طوره .
إن فتح باب التصدير على مصراعيه مهم وحيوي وأمر مطلوب دائما لرفد الإقتصاد ، وفي المقابل ، فإن حرمان الأردني من منتوج بلده بسبب ارتفاع الأسعار ، وفي ظل غياب وزارة تموين فعلا لا قولا كما هو حاصل الآن ، يكشف أن الوزارة – وزارة الزراعة - تتخبط ، وتجامل كبار المزارعين على حساب المواطنين ، ولا نرغب في أن نستذكر حكاية المرحوم عبد الرحيم ملحس مع تجار الغذاء والدواء ونقول : إن الوزير عاكف الزعبي يعيش نفس الظروف ، بل نريد أن نكون حسني النية ونفترض أن الوزير أخطأ في القرار وأخطأ في التوقيت .
لا يخفى على أحد مقدار الغبن الذي يقع على المزارعين من غير الحيتان ، حيث إن عملهم في حقولهم طوال العام لا يكاد يصل إلى نصف احتياجاتهم وعوائلهم ، بينما " يهبش " المزارعون الحيتان والسماسرة الحصة الكبرى ، ويذهب هؤلاء المساكين تحت " الرجلين " مع احترامي وأسفي لهذه المفردة .
كان يفترض بالوزير الزعبي أن يظل صامدا في قصة " الشاحنات والبرادات " وأن لا يعقد لقاء صحفيا إرضاء للحيتان وليبشر المواطنين بأنه مرتاح لعودة ارتفاع الأسعار بعد توفير الشاحنات ، وبأنه سيراقب الأسعار ، والذي أعرفه ، ويعرفه الوزير : أنه ما من سبيل أمامه لمراقبة الأسعار ، ليس لأن الحكومة عاجزة تنفيذيا ، بل لأنها لا تستطيع أصلا مراقبة الأسعار بفعل الإتفاقيات الدولية وتحرير السوق وغيرها ، ومن أجل ذلك فإنه لم يكن من اللائق أن يوزع الوزير على المواطنين وعودا بمراقبة الأسعار ، مع قناعته بأنها وعود لا يستطيع تنفيذها ، معتقدا أن الأردنيين لا " يفكون الخط " .
عندما انخفضت أسعار المنتوجات الزراعية قبل أيام ، اعتقدنا أن الوزير الزعبي وضع خطة مسبقة لإراحة الناس في رمضان ، وإذ بالوزير ينكص على الأعقاب وينكد على المواطنين عيشتهم بإعلانه الغريب والعجيب : أنه مرتاح لعودة ارتفاع الأسعار .
صدقوني لو قالها الرئيس الفرنسي لأقاله الفرنسيون من الأليزيه ، ولو قالها رئيس الوزراء البريطاني لتمت محاكمته ، ونحن هنا لا نريد لا إقالة ولا محاكمة ، بل نريد أن نفهم : كيف يقول وزير في الحكومة ما قال ، وإلى أي مدى وصل استخفاف الحكومات بمواطنيها ؟ .
الدكتور فطين البداد