الأردن وواقع الحال في عالمنا العربي
اذا ألقينا نظرة عامة على واقع الحال في عالمنا العربي، لحز فينا الحزن عميقا ، ذلك أن العربي يفتقر في بعض الدول إلى حق بديهي وهو حق الحياة .
في سوريا حرب ودمار وموت وكلوم لن تندمل حتى بتقادم الزمن ،
فمنذ بداية الأزمة إلى اليوم وأطفال سورية هم وقود الحرب ، أولئك الأبرياء الذين شاء قدرهم أنهم ولدوا في الزمن الخطأ، في زمنٍ طغت فيه النار على الهشيم ، والجبروت على الرحمة .
في سورية، يرغم " الأسد " الأطفال على حمل السلاح ليحولهم إلى " شبيحة " وداعش تخيرهم بين القتل أو القتال في صفوف التنظيم المتخلف .
الأطفال هم الأضعف والخاسر الأكبر ، وهم الأكثر تعرضاً للاستغلال : إما بالإنتقام أو اتخاذهم كدروع أو وسائل ضغط خبيثة .
ثلاث سنوات ونصف عمر الأزمة السورية التي بدأت ثورة سلمية تطالب بالحرية والديموقراطية ، قبل أن تدخل مرحلة " التسليح " بسبب القمع والبطش الذي مارسه النظام طوال ستة أشهر من هتاف " بدنا حرية ، الشعب السوري واحد " وما هي إلا أيام معدودات حتى استغل أعداء سورية الحال ، فتحولت البلد إلى مكان خصب للعصابات الإرهابية المتطرفة تحت تسميات مختلفة من : حزب الله إلى الميليشيات العراقية الشيعية وصولاً إلى داعش وأخواتها .
تغيب ملامح الحياة الطبيعية للسنة الرابعة عن محيا سورية وأطفالها الذين باتوا يفتقدون البراءة والحس الطفولي : فقد تشربت نفسياتهم رائحة البارود ، واعتادت أسماعهم لعلعات الرصاص ، وأصداء الإنفجارات ، لقد سُلبوا طفولتهم وتلونت أيامهم بلون الدم وألعابهم بالدخان والسواد ، وحملوا - باكراً - أفكاراً زرعت عنوة في نفوسهم وعقولهم من قبل الأطراف التي تكاتفت - جميعها - على هدف واحد : هو تدمير مستقبل سورية بتدمير أطفالها وتشويههم.
وأما اليمن " غير السعيد " في هذه الأثناء ، والذي كان من المفترض أن يحتفل الشهر الماضي وتحديداً في ٢٦ سبتمبر/ أيلول بالعيد الـ٥٢ لثورة ١٩٦٢ ، فإنه فقد توازنه وسلب عقله ويعيش مفاجآت صادمة : فها هم الحوثيون يحتلون صنعاء قبل الإحتفال بأيام ، وها هي ميليشياتهم المدربة في لبنان والمسلحة من إيران تريد أن تعود باليمن القهقرى بما يصل إلى أكثر من نصف قرن : إلى ذلك الزمن البائد والعصور المظلمة .
وأما ليبيا فقد طغت فيها لغة السلاح على كل اللغات ، وها هم الليبيون يعيشون أيامهم منقسمين ما بين برلمان طبرق والمؤتمر العام ، والقادم أدهى وأمر.
ما يجري في سورية واليمن وليبيا لا يختلف كثيراً عما يجري في فلسطين ولبنان ومصر ، قد يزيد أو ينقص ، ولكنه واقع مؤلم وبائس آلت إليه حال الشعوب العربية والإسلامية.
أما الأردن العزيز ، فقد سجل معجزة في أمنه وأمانه وسط محيط مضطرب ، ونأمل أن تعي الحكومات فيه أن لقمة الخبز غالية جدا ، وحبة الدواء لا تضاهى في زمن البطالة والفقر وانعدام الحيلة .
د. فطين البداد