أعان الله الأردنيين على عام 2015
أكد وزير المالية في الأردن أن بداية العام الجديد 2015 ستشهد ارتفاعا بأسعار الكهرباء .
أي أن العام القادم سيكون قاسيا جدا ، ولكن المفارقة في هذه " البشرى " أنها أطلقت والناس على أبواب الشتاء ، فبداية العام القادم تعني 1 - كانون ثان .
يعلم وزير المالية ، وتعلم الحكومة الرشيدة ، بأن رفع أسعار الكهرباء هو في الحقيقة رفع لأسعار كل شيء استهلاكي ، أي أن فاتورة المستهلك " التعبان " سترتفع ، والسبب أننا في سوق حر ، وليس اسم وزارة التموين التي يطلع بها وزير الصناعة والتجارة في الحكومة الحالية سوى مسمى " فارغ " لأمر غير موجود ، حيث إن وزير التموين ليس مسؤولا عن سعر أي كيس طحين أو أي بضاعة طالما أن السوق حر بموجب اتفاقات وقعها الأردن ، وطالما أن الجهات الدولية المالية لا تسمح لنا بمركزية القرار السلعي أو التسعيري ، والأخطر : طالما أنها - الجهات إياها - هي التي تقف وراء قرار رفع أسعار الكهرباء ، بل إن الوزير أفصح عن ذلك ضمنا ولم يقله تصريحا عندما ألحق بشرى الرفع بما فهم منه : إن الرفع سيتم حتى لو انخفضت أسعار النفط ، يعني " جوزك وان راد الله " كما يقول المثل الشعبي .
زمان ، كانوا يقولون لنا : إن رفع أسعار الكهرباء - السابق - سببه ارتفاع أسعار البترول الذي يشغل المولدات ، والغاز المصري وغيره ، والآن ، وبعد أن هبط سعر البترول ، أعلنوا أنهم سيرفعون أسعار الكهرباء ، وهذه - بالمناسبة ليست أحجية .
نتحدث هنا عن مبدأ ، ولا نتحدث عن أمنيات ، ولقد قطع الوزير قول كل خطيب بتأكيده على الرفع في الحالتين : استمرار انخفاض الأسعار ، أو ارتفاعها من جديد .
ولأن الشيء بالشيء يذكر ، فإن قصة رفع أسعار الكهرباء لا تختلف بالمناسبة عن قصة رفع أسعار التأشيرات السياحية ، بل إن معلوماتي تقول : إن وزارتي الداخلية والمالية لم تستشيرا وزارة السياحة بهذا القرار ، وكأن وزيرالسياحة - مع الإحترام - " رجل طاولة " .
إن قرار رفع التأشيرات صدر بدون استشارة القطاع الخاص والجمعيات السياحية أيضا ، وأكاد أجزم أن هذه القرارات وأشباهها هي التي أدخلت السياحة في الأردن إلى غرفة الإنعاش، فالحكومة رفعت سابقا رسوم الفيزة ، وقبلها رفعت خدمة الفنادق من 8 - 16 % ، وقبلها رفعت أسعار الفنادق نفسها ، أي أن قطاع السياحة شهد ارتفاعات متتالية أرهقت القطاع وقد تضربه في مقتل .
وأيضا ، فقد هبطت العائدات السياحية لأسباب تعود لما يجري في الدول المجاورة ، وكان يفترض منح السياحة حوافز وليس إضافة أحمال ثقال على كاهلها ، ويبدو أن الدولة التي تتغنى بالبتراء وبمئات المواقع السياحية التي ينفرد بها الأردن لا تريد سياحة من أصله ، وسيزول تعجبكم من هذا " التجني " إذا علمتم أن المبلغ الذي يخصص لهيئة تنشيط السياحة في الأردن لا يتعدى السبعة ملايين دينار سنويا ، أي هو مبلغ تافه بالنسبة لدولة سياحية ، علما بأن كل الدول المجاورة للأردن تخصص لهيئاتها السياحية المشابهة مبالغ لا تقل عن 120 مليون دولار ، فكيف ستنشط السياحة في مثل هكذا حالة ، وفوق ذلك نقوم بزيادة رسوم التأشيرات على السياح .
وأيضا ، فإنني لا أذيع سرا إذا قلت : إن عددا من المكاتب السياحية في عمان هربت إلى العقبة ، لأن سلطة العقبة لا تفرض رسوم تأشيرات على السياح ، استنادا إلى نظامها الخاص ، كونها منطقة اقتصادية خاصة ، ولقد علمت بنكتة أبطالها السياح الإسرائيليون ، وهي أنهم ينزلون في العقبة بدون تأشيرات طبعا ، ويزورون البتراء ويعودون في نفس اليوم استنادا إلى أنه لا رسوم عليهم ولا على غيرهم بموجب قوانين العقبة ، وبذلك يلف الأسرائيلي الأردن مجانا ويعود مجانا ، أما الـ 90 دينارا التي يدفعونها في البتراء فهي تدفع كبدل عن الموقع السياحي وليس رسوم تأشيرة ، وهذا لمن لا يعلم ، ولقد ذكرت كثير من المصادر أن أبناء عمومتنا هؤلاء يحملون الساندويشات والمياه في حقائبهم ، أي أنهم لا ينفقون قرشا واحدا في الأردن ، أما الإستراحات والمطاعم في الأردن فلا يدخلونها إلا لقضاء الحاجة .
رفع رسوم تأشيرات الدخول للأردن ، كما علمت ، كان مقررا له أن يطبق في الأول من أكتوبر الماضي ، ولا أدري هل تم تمديد المهلة لبداية العام القادم أم لا ، ولكن المهم هنا : أن رفع أسعار الكهرباء وما يعنيه من رفع لأسعار كل شيء كما قلنا ، سيتم العام القادم ، والمخفي أعظم ، ومن أجل هذا وذاك ، فإني أقول : أعان الله الأردنيين على العام القادم .
د. فطين البداد