ما معنى اعتقال زكي بني ارشيد نائب مراقب إخوان الأردن ؟
مرت العلاقة بين الدولة الأردنية وبين جماعة الإخوان المسلمين في الأردن خلال العشر سنوات الفائتة ، بمختلف الفصول ، واكتست بشتى ألوان الطيف ، إلا أن اعتقال نائب مراقب عام الجماعة زكي بني ارشيد الخميس طوى صفحة وفتح أخرى في سجل علاقة استمرت ضمن نسقها منذ 1945 وحتى الآن ، أي ما يناهز السبعين عاما .
زكي بني ارشيد ، الرجل الثاني بعد المراقب العام ، وكما يبدو ، لم يكن يخطر بباله أو ببال جماعته أن الدولة " جادة " هذه المرة ، وأن تلك المرحلة التي كان يخرج فيها رئيس الوزراء الأردني متوعدا الجماعة بالحل ، فيتدخل الملك ، ولت إلى غير رجعة ، لاعتبارات لا نعتقد أنها تخفى على أحد ، في ظل ما جرى للجماعة في مصر ، وفي أكثر من مكان ، والأهم : ما تشكله " داعش " من خطر ليس على العراق وسوريا فحسب ، بل على كل المنطقة ، إن لم نقل العالم ، وبالتالي : فإن حساسية المرحلة بمختلف وجوهها لا تسمح إطلاقا بأي تحريض أو انتقاد موجه من شأنه أن يضر بالأردن وعلاقاته وتحالفاته ، وفي هذا السياق ، فإنه لن يسمح بأن يمر انتقاد بني أرشيد للقائمة التي أعلنتها دولة الإمارات الشقيقة بخصوص الجماعات التي صنفتها " إرهابية " مرور السحاب ، خاصة وأن كلا البلدين لا تربطهما فقط علاقات اقتصادية واجتماعية ، بل علاقات استراتيجية غير مسموح المزاح فيها أو الإقتراب منها لا تصريحا ولا تلميحا .
وسواء أفرج عن بني ارشيد في غضون الأيام القادمة أم لا ، فإن مجرد اعتقال شخصية بهذا الوزن في الجماعة ، لها ما بعدها بالتأكيد .
مؤتمر صحفي " تحذيري " عقده رئيس الحكومة ، ووزير الداخلية ووزير الإعلام قبل أيام ، تحدثوا فيه عن جدية الدولة في هذه الظروف ، وحذر الرئيس من أن الحكومة لن تتسامح حيال أي خرق مهما كان .
لطالما توجست الدولة الأردنية من أهداف الأخوان المسلمين في الوصول إلى الحكم ، بل إن قياديا في الجماعة ( علي أبو السكر ) سبق وأعلنها صراحة : إنهم مستعدون لتسلم الحكم في الأردن ، وذلك عقب فوز حماس بانتخابات 2006 ، ولاحقا قويت شوكتهم بعد فوز الرئيس المعزول محمد مرسي ، وسرعان من انقلبت الأمور رأسا على عقب ، وبات الإخوان محاصرين ومنبوذين وأحيانا مطلوبين في أكثر من دولة .
لقد توترت العلاقة بين الطرفين أيما توتر ، بعد المهرجان الذي أقامه الإخوان في آب الماضي بمنطقة طبربور لمناسبة انتهاء العدوان على غزة ، حيث قدم شبابهم عدة فقرات مسرحية " عسكرية " ، وقيل في المهرجان ما اعتبرته الدولة تحريضا عليها من خلال الكلمات التي تليت والقصائد التي ألقيت ، بينما كانت الإشارة الأكثر تحديا : هي قيام شاب ملثم يحاكي " أبو عبيدة " - الناطق باسم كتائب القسام ويرتدي نفس زيه ، بتأدية التحية العسكرية لهمام سعيد ، مراقب عام إخوان الأردن .
إن رسالة بحجم اعتقال نائب المراقب العام يجب أن تعيها جماعة الإخوان ، فلئن كانت الرسالة الأولى القاسية تمثلت بسيطرة الدولة على جمعية المركز الإسلامي ، فإن الرسالة الثانية كانت اعتقال نائب المراقب العام ، فهل ثمة رسالة ثالثة ، أم أن قرارا صدر فعلا بإلغاء صندوق بريد الإخوان نفسه .
الأيام القادمة كفيلة بالإجابة عن مثل هكذا سؤال !.
د. فطين البداد