اتفاقية الغاز مع إسرائيل
لم أفهم طبيعة الجلستين النيابيتين اللتين ناقشتا اتفاقية شراء الغاز من إسرائيل ، وفيما إن كان يجوز للمجلس أن يناقش مبدأ الإتفاقية أم الإتفاقية نفسها ؟ .
أما بالنسبة للرقم الذي أعلنه رئيس الحكومة عن عجز في الطاقة بموازنة 2015 يصل إلى مليار و600 مليون دينار فلا أدري على أي سعر تم حساب برميل النفط ، والأسعار تهبط في هذه الأثناء إلى مستويات استثنائية .
المضحك في الأمر ، أن الحكومة والذين يدورون في فلك رأيها ورؤيتها بهذه القضية ، يصرون على أن الإستيراد سيكون من شركة نوبل أتيرجي الأمريكية ، ولكن من حقول إسرائيلية ، مع أن الصحافة الأسرائيلية فضحت هذه الصفقة قبل أشهر .
بغض النظر عن موقف النواب وتوصياتهم التي صدرت عقب انتهاء الجلستين ورد رئيس الحكومة ، إلا أن وزير المالية أمية طوقان قطع قول كل خطيب ، عندما حاضر في عمان قائلا : " إن الحكومة ستوقع الإتفاقية على مسؤوليتها " وكأن القضية تتعلق بشراء سيارة .
وما يستثيرك فعلا ، أن وزير المالية قال للحضور : أنه ليس خجولا من هذه الإتفاقية ، بل إنه طلب أن لا يكون للخروق الإسرائيلية السابقة لاتفاقية وادي عربة أثر في المضي قدما نحو توقيعها ، أي أن الوزير قال بصورة أخرى : إن خرق اتفاقية وادي عربة في ما يخص الولاية الأردنية على القدس والأقصى ، لا علاقة له بالعلاقات الإقتصادية المتينة بين الطرفين ، أو ليدلني أحد على معنى آخر .
وليبلغ التحدي مداه ، قال طوقان : إن هذه الإتفاقية ستتم ، وإذا وقع خطأ ما فيها مستقبلا فإن بإمكان مجلس النواب سحب الثقة من الحكومة " .
أنظروا كيف يقيس وزير المالية الأمور ، وبأي عين ينظر إليها .
وعندما سأله أحد الحضور عن انخفاض أسعار النفط قال حرفيا : " إن الذي يهمه هو رفع أرقام النمو ، أي أن لسان حاله يقول : ليذهب المواطن في ستين داهية ، بل إنه أعلن الرقم الذي يصبو إليه وهو 7 % من الناتج المحلي الإجمالي ، وهي قضية سبق لي وشرحتها في مقالي السابق عن موازنة 2015 .
ليس من حق رئيس الحكومة المضي قدما في تصنيف نوع الوقود الذي يولد كهرباء الأردنيين جازما أنه لا نفط في الأردن ، فهو بحديثه عن الجزائر ، وعن أنها ليس لديها غاز لتبيعه للأردن ، وفي حديثه عن قطر ، وعن أن أسعارها عالية ، وعن مصر أن غازها يكاد ينضب وأنها ستستورد الغاز من الإسرائيليين ، يريد أن يقول لنا بأن الغاز ، والغاز فقط هو البديل ، وليثبت هذا المفهوم أكد بأنه لا يوجد نفط في الأردن ، بينما يقول له الواقع إن هناك نفطا صخريا يكفيه عشرات السنين كما قال مستشار في البنك الدولي .
أما بخصوص ما قاله الرئيس لترطيب مزاج النواب عن أنه سيوقع عقدا لشراء الغاز الفلسطيني من بحر غزة ، فإني أسأل : هل استقلت فلسطين لتسمح إسرائيل لها باستخراج غاز غزة ، وبالنسبة لقبرص ، وأن الأردن سيوقع معها لتزويده بالغاز القبرصي كما أردف الرئيس ، فإن دولته لم يقل للنواب أن الخلافات على الحدود المائية بين تركيا وقبرص قد تصل إلى الصدام المسلح مع اليونان ، وها هي السفن الحربية التركية تذرع البحر جيئة وذهابا وهي تحرس عملية التنقيب التي تقوم بها قبرص التركية ، بعد أن تبين بأن قبرص اليونانية وقعت مع إسرائيل اتفاقية بترسيم الحدود البحرية من أجل عيون غاز المتوسط ، على حساب ليس فقط تركيا وإنما مصر التي ستدخل هي الأخرى في خلافات مع قبرص في الأيام القادمة ، ناهيك عن لبنان ، وبذلك فإن ما ساقه الرئيس عن الغاز الفلسطيني والغاز القبرصي يصبح مجرد أعذار للإستمرار في إتمام الصفقة .
الأردنيون يرفضون التعامل مع الكيان الغاصب للمقدسات والأوطان ، ومنذ اتفاقية وادي عربة في العام 1994 لغاية الآن ، فإنه لا تطبيع شعبيا مع إسرائيل ، وعندما يصبح جهاز التلفزيون في منازلنا لا يعمل إلا بموافقة أبناء عمومتنا ، يصبح الأمر له معنى آخر .
إنه التطبيع الشعبي الإجباري ، فالإتفاقية ماضية في طريقها و" حيطان " الحكومة كثيرة لمن يعارض !.
د. فطين البداد