شهيد الوطن .. معاذ الكساسبة
ويستمر مسلسل الإجرام الذي يمارسه تنظيم داعش ( تنظيم الدولة الإسلامية ) وآخر حلقاته كانت إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة .
والكساسبة ( ٢٦ عاماً ) هو طيار أردني كان يقوم بواجبه في حربه على الإرهاب المتمثل بـ (داعش ) طاعون العصر، عندما أُسقطت طائرته في مدينة الرقة في سورية في الرابع والعشرين من كانون أول الماضي ،حيث تم أسره ومن ثم إعدامه.
جاء خبر إعدام الشهيد صادماً مثيراً لمشاعر متضاربة ومتداخلة من الحزن والغضب إلى الرغبة الشديدة بالانتقام.
فقد كان لوقع هذا الخبر وطريقته البشعة ، تأثير ضخم ليس فقط على الشعب الأردني والعربي بل أيضاً على الرأي العام العالمي الذي توّحد أمام الرغبة الشديدة في تصفية هذا التنظيم الإرهابي المتطرف الذي آثار الرعب في النفوس في كل بقعة من هذا العالم.
وأما الأردن الذي فقد جندياً من جنوده في الجيش العربي ، فقد تلقى النبأ بغضب بلا حدود : ملكاً وحكومةً وشعباً ، وكان الرد فوريا بإقلاع أسراب من الطائرات الحربية لدك معاقل التنظيم وتلقينه دروسا أردنية لا ينساها .
وعلى الصعيد الشعبي ، خرجت الآلاف في تظاهرات منددة بهذا التنظيم وممارساته الوحشية البعيدة كل البعد عن أخلاق الإسلام الذي يزعمون أنهم يرفعون رايته ، مرددة اسم الشهيد معاذ الكساسبة ومطالبة بالثأر والانتقام للأردنيين الذين يفخرون بجيشهم وقيادتهم .
لقد كان رد الملك على مستوى غضب الشارع الأردني وأكبر ، حيث قطع زيارته إلى واشنطن وعاد إلى أرض الوطن ليعزي عائلة الشهيد معاذ ، ومن ثم ليصدر أوامر بالرد الفوري وما لبثت الأنباء أن تحدثت عن بدء القصف ، وما هذه إلا البداية لحربٍ أعلنها الأردن على هذا التنظيم المجرم .
الطريقة التي قُتل فيها الشهيد معاذ ، والفيديو المصور بأحدث كاميرات التصوير والمُعالج بأحدث تقنيات المؤثرات البصرية والتقطيع والمونتاج، وهذه اللغة البصرية المدروسة التي أراد المجرمون تقديمها من أجل إيصال رسالتهم في إثارة الذعر ونشر الفوضى وبث الخلافات، كان لها مفعول عكسي تماماً ، فقد التف الشعب الأردني خلف قيادته ودولته وجيشه وظهر الجميع كما هو شأن الأردنيين دائما ، متماسكين متحدين ، يجمعهم حبهم لوطنهم وملكهم وإيمانهم بأن قائدهم وجيش وطنهم سيعيد للأردن كرامته، وسيثأر ممن أراد به وبأبنائه السوء، وسينتقم لجنديه الذي خرج مدافعاً عنه ضد طاعون خبيث .
فيديو قتل الشهيد معاذ كان مؤثرا وشديد الوقع ومثيرا للإشمئزاز لكل من رآه ، فقد كان التصوير مدروسا وكأنه شريط دعائي قصير لفيلم هوليودي ضخم الإنتاج، حيث الكوادر المتعددة والتقطيع واستخدام الجرافيك وحركة الإبطاء (سلوموشن ) إلى ما هنالك من تقنيات وأساليب سينمائية تجعل من هذا الشريط محفورا في الذاكرة الجمعية وكأن الهدف منه إعطاء درس لا يُنسى وتمرير رسالة قاسية للأردن ، غير أن السحر انقلب على الساحر .
أقدم تعازيّ الحارة لوالد ووالدة الشهيد معاذ ولعائلة الكساسبة التي أنجبت بطلاً أعطى درساً في الشجاعة وكان عنواناً للجندي الأردني في القوة والتماسك، كما وأقدم تعازي لجلالة الملك ولشعبنا الأردني العظيم ، ولجيشنا الباسل وأشدّ على أيدي الجميع داعيا الله أن يحفظ الأردن من كيد الكائدين وتربص المتربصين ، اللهم آمين !.
د. فطين البداد