مرت رياح الموازنة كما اشتهت سفن النسور
تابعت كغيري عملية التصويت على موازنة 2015 من خلال شاشة التلفاز ، واستوقفتني بعض الملاحظات :
ناقش الموازنة 110 نواب ، أي أن أربعة أيام صباحية ومسائية كانت حافلة بانتقادات واقتراحات ومطالب مناطقية وغيرها ، وباستثناء بعض الكلمات ، فإنها كانت كلمات مكرورة ، ومملة ، لدرجة أنك لو قارنت كلمة بعض النواب مع العام الفائت 2014 لذهلت بأنها هي ذاتها بدون أي تغيير ، وهذا ما يؤسف له فعلا ، حيث بدت القضية وكأنها مجرد خطبة أريد أن يشاهدها جمهور النائب وقواعده ، هذا إن ظل لأغلبهم قواعد .
الملاحظة الثانية : أن رئيس المجلس المهندس الطراونة ، تمكن من قيادة دفة النقاشات ، وجلسة التصويت بمهارة وصرامة تجلت في الخلاف الذي نشب بينه وبين نائب العقبة الشيخ محمد الرياطي ، عضو اللجنة المالية ، والذي سجل مخالفة له تتعلق برفع أسعار الكهرباء ، وسمح له الطراونة بقراءتها تحت القبة قبل التصويت ، إلا أن الأمر خرج عن الهدوء عندما أصر الرياطي أن يجري التصويت على مخالفته ، وهو ما رفضه رئيس المجلس ، معتبرا أن النائب يخالف النظام الداخلي والدستور ، بينما اعتبر الرياطي أن هذا من حقه ، ولقد قضي الأمر ، وصوت النواب على الموازنة وموازنة الوحدات المستقلة بالأغلبية .
الملاحظة الثالثة والمهمة ، هي تعرض رئيس الحكومة الدكتور عبد الله النسور ، وبشكل مباشر وشخصي لهجوم عدد من النواب ، وكان رئيس وزراء ناجحا عندما صمت باستغراق إلى أن انتهى كل النواب من كلماتهم ، وبعدها خطب النسور بالمجلس ليقلب الطاولة على من هاجموه ، ليس بمنطق القوة ، بل بقوة المنطق ، مما أكسبه تعاطف كثير من النواب الذين كانوا مستعدين لخوض معارك من أجله وهو ما تبدى في أكثر من مشهد .
عموما ، مر قانون الموازنة كما هو متوقع ، بإيرادات وصلت إلى 7 مليارات و 408 مليون دينار ، منها إيرادات محلية قدرت بستة مليارات و408 مليون دينار ، بينما قدرت المنح الخارجية بـ مليار و128 مليون دينار ، أما النفقات فقدرت بـ 8 مليارات و 96 مليونا و386 ألف دينار منها نفقات رأسمالية بقيمة : مليار و 174 مليونا و 853 الف دينار ، ونفقات جارية بـ 6 مليارات و 921 مليونا و533 ألف دينار .
موازنة 2015 ، وكما تقول أرقامها ، تفرض أسئلة كثيرة لا نرغب بإثارتها ،ولكن لا بد من التذكير أن رفع أسعار الكهرباء مضى بسلاسة ، وكل ما قيل فيه ذهب كالصرخة في الصحراء ، أو النداء في الخواء .
د. فطين البداد