أسعار الخبز في الأردن
يبدو أن الحكومة ماضية في قرارها رفع أسعار الخبز بغض النظر عن رأي الشارع .
تكشف المعلومات أن القرض الذي تحصل عليه الحكومة تباعا بمبلغ ملياري دولار ( تسلمت الحكومة أكثر من نصفه حتى الآن ) كان مشروطا وتحت نظر وبصر صندوق النقد ( الدائن ) الذي وضع للحكومة في وقت سابق برنامج تصحيح جديدا وافقت عليه قبل حصولها على القرض ،حيث يقال بأنها استجابت للصندوق وتعهدت برفع الدعم عن المواد الأساسية والسلع ، ومن أخطر هذه السلع بالطبع " الخبز " الذي لم يرد نصا في التفاهمات ، ورغم التدقيق الربعي الذي يقوم به الصندوق ووفوده في الأردن ، إلا أن رئيس الحكومة لا زال يعتبر الصندوق مجرد " مدقق حسابات " فقط ، وأنه لا يتدخل في السياسيات الإقتصادية للدول ، وهو ما يتناقض مع واقع الحال بالطبع .
يقول رئيس الحكومة مبررا خطوته القادمة : إن الحكومة تتحمل سنويا مبلغ 256 مليون دينار بسبب دعم الطحين ، وبالنسبة للأرقام الحكومية عموما ، فإن الموازنات - نفسها - تقع في إشكاليات رقمية كل عام ، دون أن يعني هذا أننا نشكك بالرقم أو نستثقله ، وتكرر الحكومة الحالية نفس الإسطوانة التي كانت تكررها حكومات سابقة عندما كانت " تلحن " وتطلق بالونات اختبار من أجل رفع الأسعار .
تقول الحكومة أيضا : إن هناك هدرا بنسبة 40 % وإن هناك تهريبا للخبز إلى الدول المجاورة وبيعه كأعلاف حيوانات ، بالإضافة إلى أن الدعم يذهب لغير الأردنيين .
وإذا كانت الحكومة تشتكي من أنها تدفع المبلغ المذكور دعما للطحين ، فإن أرقاما أخرى تقول : إن رفع الأسعار الذي دأبت عليه الحكومة رفع موارد الخزينة العامة للدولة من 7 مليار إلى 13 مليار دولار وفق بعض المصادر التي لم أتوثق منها ، ولكنه رأي يُستأنس به على كل حال ، وإن صح الرقم ، فهذا يعني أن هناك ستة مليارات استفادت منها الحكومة جراء سياسة رفع الأسعار التي انتهجتها بلا توقف منذ تشكيلها بتاريخ 10/10/2012 خلفا لحكومة فايز الطراونة ، وعقب حل جلالة الملك لمجلس الأمة بسبب التعديلات الدستورية .
إذا اعتمدت الحكومة نسب الفقر " الرسمية " فإنها ستمضي بلا تردد في رفع أسعار الطحين ، أما إذا قرأت واقع الحال وما تعرفه هي عن حالة الفقر في المملكة ، فإنها ستحجم بالتأكيد عن هذه الخطوة ، لأن الأمر يتعلق بالحياة هنا ، وإذا أخذنا تقريرا رسميا كمثال ، وهو تقرير دائرة الإحصاءات الأخير ، فسنجد أن 10.2% من الأردنيين تلقوا مساعدات غذائية ، هذا بشكل عام ، بينما يقول نفس التقرير أن 28.2% من الأسر الفقيرة في الأردن تلقت مساعدات غذائية ، أي أن ثلثي الفقراء الأردنيين تقريبا لا يعرف أحد عنهم شيئا ، ويعيشون على الخبز ( المراد رفع سعره ) وعلى الشاي ( المباع حرا في الأسواق ) .
أربأ برئيس الحكومة الدكتور النسور ، وهو رجل أقدره وأحترم حزمه وصراحته ، أن يمضي بقرار كهذا ، أما ما يقال عن بطاقات وبدائل نقدية ، فإن تجربة دعم الطاقة لم تبق للاردنيين ثقة بأي بدائل تتحدث عنها الحكومات ، أيا كانت .
نصيحة ، والنصيحة هذه الأيام بـ " بلاش " .
د. فطين البداد