مستقبل الأوطان في أجيالٍ واعية متعلمة
وقفت البارحة في حفل تخرج ابنتي الكبرى ليليان فخوراً أشهد إنهاءها مرحلة الدراسة الثانوية وانتقالها إلى مرحلة الدراسة الجامعية التي ستحدد مستقبلها والتي من بعدها ستُفتح أمامها وأمام أبناء جيلها الأبواب ليختار كلٌّ طريقه .
نظرات الفرح والحماس والإندفاع عند ليليان وزملائها بإنهائهم هذه المرحلة المهمة من حياتهم الدراسية، وأحلامهم وتطلعاتهم نحو المستقبل ، أسعدتني جدا ، وكانت لحظات مؤثرة بلا شك، ولكنها آثارت في نفسي أيضاً القلق والهموم والكثير من الأسئلة :
كم علينا أن نعمل حتى لا تنطفئ شعلة الأمل والإندفاع عند هؤلاء الشباب؟.. كيف يجب أن لا نخسرهم ونضمن لهم مستقبلاً واعداً وفرص عمل تتناسب وإمكانياتهم ومؤهلاتهم العلمية حتى لا نسمع بعد سنوات عن أسماء المتفوقين منهم وعن إنجازاتهم حول العالم وليس في وطنهم الأم ؟.
كيف يجب أن نجعل أحلامهم تتجه نحو بناء الوطن وليس في السعي لنيل فرصة عمل خارجية ، حتى يؤسسوا مستقبلاً أفضل لهم ولأولادهم من بعدهم، كما يحدث للعديد اليوم ؟.
كيف نقول لهم أن التميز في الإنجاز لا يحدده العرق أو الدين أو الجنس أو الواسطة ، وأن حب الوطن والانتماء له أقوى من كل الإنتماءات؟..
لقد استطاع الأردن أن يهيئ الأرضية العلمية الخصبة لهؤلاء الطلبة ، بأن كان رائداً - وفق دراسات واحصائيات عالمية - في توفير البيئة العلمية حسب أحدث المواصفات في كل المراحل الدراسية، حتى أن الأردن بات مقصداً للكثير من الطلاب العرب للدراسة فيه نظراً لما تتمتع به سمعة المؤسسات التعليمية الجيدة، ولتوفيره المناخ المعتدل والمثالي للعيش ضمن بيئة شرقية إسلامية، والأهم الأمن والأمان الذي ينعم به هذا البلد العزيز .
لكن : ما الذي نقدمه لأبنائنا بعد الدراسة والتخرج؟ وإلى أي مدى يتسع سوق العمل في الأردن لمؤهلات أبنائنا وقدراتهم وخبراتهم التعليمية ؟.
كم من شاب وصبية اليوم يبحثان عن فرصة لا يجدانها ، وماذا عن طوابير الشباب على أبواب السفارات الأجنبية بغية السفر بحجة العمل أو الهجرة ؟.
ألم يحن الوقت لحكوماتنا الرشيدة بأن تفكر بهؤلاء الشباب؟! ألم يحن الوقت حتى تعلم أن الوطن يتطور بهمة أبنائه؟! ما الذي تفعله اليوم من أجل شبابنا وبناتنا ؟ .
في ذات الوقت أشعر بفرحة الأمن والأمان التي أراها في عيون أبنائنا بفضل قيادتنا الهاشمية الحكيمة التي تضع مصلحة أبنائها فوق كل اعتبار لأنها تعي تماماً أن مستقبل الأردن في أجياله المتعلمة الواعية المستقرة الآمنة.
إن شعور الإطمئنان على أولادنا في مدارسهم وجامعاتهم ونظرات الإندفاع والحماس في عيونهم تجعلنا أكثر مسؤولية كأهل وحكومة بأن نمشي على خُطا قيادتنا الهاشمية الغالية بتربية أولادنا على حب الوطن أولاً والإنتماء له وبذل الغالي والرخيص في سبيله والإنحياز له في كل وقت وكل حين ، ونبذ العنصرية في الجنس والدين والطائفية والقومية والترفع عن كل اختلاف في سبيل الحفاظ على وحدة وأمن وسلام هذا الأردن العزيز .
مبروك يا ابنتي ، ولكِ يا ليليان في يوم تخرجك ولزملائك وعدٌ ( كآباء ) بأن نوفر لكم البيئة الصحية للعلم والعمل وأن تبقى عيونكم تشعّ فرحاً وأملاً وأحلاماً، فأنتم بناة الوطن ورأسماله الأقوى .
د. فطين البداد
الدكتور فطين البداد ، وكريمته ليليان البداد في حفل تخرجها