الأردن وما يجري في القدس وفلسطين
تتعدد الإهتمامات الاردنية في العادة ، بين ما هو شعبي وما هو رسمي وما هو مشترك ، غير أن هذا الأوان مختلف وذو إيقاع خاص .
فلقد وحدت أحداث الأقصى والقدس وعموم فلسطين الدولة الأردنية كلها لتقف قيادة وشعبا وراء نداء الحرية الذي يهتف به الفلسطينيون، المنافحون بصدورهم العارية عن أقدس مكان للمسلمين بعد الحرمين ، مكان تعد الصلاة فيه بخمسمئة صلاة .
سيفشل الكيان العبري بالتأكيد ، في تنفيذ مخططه الخبيث في تقسيم مكاني وزماني للحرم القدسي الشريف ، بفعل صمود المقدسيين والفلسطينيين عموما في القدس والخليل وبيت لحم ورام الله وطول كرم وجنين ونابلس وغزة وغيرها ، ناهيك عن فلسطينيي الخط الأخضر الذين أشعلوها مظاهرات ملتهبة لم تكن تخطر لنتنياهو وأجهزته الأمنية على بال ، حيث بدأت الشرارة من مدينة يافا ، لتنتقل إلى عموم مدن الداخل ولا تنتهي في الناصرة ، ولربما ترتفع وتيرتها بعد جريمة العفولة ، إلا أن فشل المخطط الإجرامي هذا قد لا يستمر ، إن بدا له بأن العزائم خارت ، والمعنويات انهارت ، والعجز تفشى .
بيت القصيد هنا : ما سبق وكشفه رئيس وزراء أردني أسبق نقلا عن مصادرغربية ، عندما قال إن الإسرائيليين كانوا ينوون طرد كل الفلسطينيين في غمرة الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003 ، وذلك انتهازا لـ " فرصة تاريخية " ولكن الأمريكان أفشلوا المخطط لكي لا تنقلب الأمور ، ولا يرغب أحد بأن تكون حرائق المنطقة في العراق وسوريا " فرصة أخرى " لابتلاع الحرم الشريف وتهويد القدس بالكامل مع إلقاء من تبقى من سكانها العرب خارجها ، وهو حلم قديم يجب التفطن له بعيون وآذان مفتوحة قبل أن يقع الفأس بالرأس .
هذه المرة ، فوجئ الإحتلال بصرخة من نوع خاص ، أطلقها فلسطينيو الضفة وفلسطينيو الداخل : صرخة أسمعته إيقاع معادلة ربما لم يفهمها بعد ، وهي أن القدس "عقيدة " وليست مجرد تراب وصخور وحصى .
ليس مستغربا أن يرفض الملك عبد الله الثاني تلقي أربع مكالمات من نتنياهو ،وفق ما كشفته الصحافة ألأسرائيلية نقلا عن نواب عرب في الكنسيت التقوا الملك في عمان ، فالموقف الأردني معروف وحاسم ، وقد تخسر إسرائيل كثيرا إن استمر الوضع على ما هو عليه في المدينة التي تحظى - رسميا - برعاية هاشمية مجمع عليها .
الوضع مشتعل ، إلا أن الإنتفاضة الشعبية العارمة تبدو بعيدة المنال ، لأسباب عدة ، أبرزها فقدان الإرادة السياسية لدى السلطة ، والأخطر : التنسيق الأمني ، وهنا تكمن المعضلة .
د. فطين البداد