عن كلمة دينا قعوار في مجلس الأمن
لقد كانت كلمة جامعة وقوية ، تلك التي ألقتها في مجلس الأمن الجمعة ممثلة الأردن في الأمم المتحدة دينا قعوار ، والتي قالت ما لا يحب الإسرائيليون سماعه :
" يندد الأردن وبشدة ما تقوم به اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني ويحملها المسؤولية الكاملة ازاء هذا التصعيد، وإنه لن يتوانى عن القيام بدوره في دعم الشعب الفلسطيني، وانهاء الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، واقامة دولة فلسطينية حرة مستقلة وقابلة للحياة على أساس خطوط عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية " .
وفي ما يخص القدس قالت بوضوح : " نشدد على أن المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس الشرقية وعلى رأسها الحرم الشريف هي خط أحمر لا يمكن تجاوزه ولن نسمح بتدنيسه" .
وأكدت رفض الأردن كل الإنتهاكات الإسرائيلية وحقه في رعاية المقدسات قائلة : " إننا نجدد التأكيد على رفض وإدانة الأردن للانتهاكات الاستفزازية التي ترتكبها اسرائيل في الحرم الشريف (المسجد الأقصى)، وعلى تضامننا الكامل مع الشعب الفلسطيني والتزامنا المطلق بمواصلة حقنا التاريخي والقانوني في حماية الحرم الشريف (المسجد الأقصى)، من منطلق الوصاية الهاشمية التاريخية التي يتولاها صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم، على الأماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية في القدس ، وحق الأردن الأصيل في رعايتها" .
واختتمت بتوعد إسرائيل قائلة : " كما نحتفظ بكافة الخيارات القانونية والدبلوماسية المتاحة للدفاع عن هذه الأماكن وحمايتها " .
وإذا كنا نسلم بأن إسرائيل لا تحترم قرارات مجلس الأمن ولا بياناته بالمطلق ، فإننا نسلم أيضا بأن إطلاع العالم على حقيقة ما يجري واجب من واجباتنا ومسؤولياتنا ، لكي لا يظل هذا العالم أسير التقارير الإسرائيلية الكاذبة والمخاتلة ، ومن هذا الباب علينا الإنتظار قليلا لنعرف من قام بحرق قبر يوسف ، في غمرة اجتماع مجلس الأمن ، هل هم شبان فلسطينيون ، أم مندسون عملاء يريدون أن يشوهوا صورة النضال الفلسطيني والحراك الجماهيري الرشيد المنصب على الإحتلال وممارساته وجرائمه ، بدون أن يسجل العالم علينا أي نقطة سوداء ، والتحقيقات التي طالب الأردن السلطة بإجرائها حول ذلك كفيلة بكشف المستور حول هذه القضية بالذات .
إن خطاب قعوار القوي والمتين في مجلس الأمن هو خطاب الملك ، وأن اتفاقية وادي عربة على المحك ، وسبق للأردن أن أعلن ذلك بوضوح ، وإذا اعتقد الغزاة المجرمون بأن القدس تخص الفلسطينيين فقط فهم واهمون ، إذ إن من وراء الفلسطينيين الاردنيين ، ومن وراء الأردنيين العرب ، ومن وراء العرب مليار وربع مليار عبر العالم ، يضاف إليهم كل محبي العدالة وحق الشعوب في مقدساتها وفي تقرير مصائرها ، وأنى لإسرائيل أن يستقر لها مقام إن جربت تغيير الوضع الراهن في القدس ، فالقدس ، هي عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة ، وهذا موقف الأردن الذي أعلن من جديد أمام بصر وسمع العالم يوم الجمعة ، وسيعلن كل لحظة وكل يوم ، طالما أن الفلسطينيين بلا دولة مستقلة آمنة قابلة للحياة .
القدس خط أحمر ، هكذا قال الملك من قبل ، وهكذا قال الجمعة أمام العالم : هو موقف ماض بلا هوادة حتى تحرير فلسطين من رجس الصهاينة ، ويكفي أن نعلم بأن آخر استطلاع أجري في إسرائيل خرج بنتيجة أن نتنياهو ضعيف ، وأن " ليبرمان " هو المناسب لهذه المرحلة .
تصوروا ذلك ، رغم ما يقوم به نتنياهو من جرائم ، إنهم يريدون إبادة جماعية لهذا الشعب ، ولكن : هيهات ، فإنهم هم وليس غيرهم ، من سوف يكنسون من أرض فلسطين الطاهرة ، والأيام دول ، والقادم أدهى وأمر .
د. فطين البداد