عن دستورية حل مجلس النواب
ما أن أقر النواب مشروع قانون الإنتخاب الأسبوع الفائت ، حتى بدأت الآلة الدعائية تروج لإمكانية حل مجلس النواب والدعوة لانتخابات جديدة وفق القانون الجديد ، بعد أن يستكمل مراحله الدستورية ويتوشح بالتوقيع الملكي .
اللافت في هذه الدعوات أنها لم تنطلق - جريا على عادة الأردنيين - من الصالونات والديوانيات ، بل من جهات رسمية محسوبة على الحكومة ، ولها ضلع في إنشاء وكتابة وصياغة القوانين وإعدادها قبل دفعها للحكومة ، ومنها لمجلس الأمة .
الدعوات المذكورة ، اعتبرت أن إقرار قانون انتخاب جديد ، يحتم حل المجس ، والدعوة لانتخابات جديدة لانتخاب مجلس النواب الثامن عشر الذي سيكون - بناء على القانون الجديد - مجلسا مختلفا ، وممثلا أكثر لشرائح الأردنيين ، وعاكسا لرغباتهم ولو نسبيا ، ولكن بشكل أعمق وأصدق من كل المجالس التي انتخب أصحابها وفق نظام الصوت الواحد ، عقب البرلمان الأقوى الذي جاء بعيد عودة الديمقراطية .
سألني أحدهم عن توقعاتي حيال هذا الأمر ، فوجدت بأن كل من يسأل مثل هذا السؤال ، تنقصه الثقافة الدستورية ، لأن الحل والعقد هنا بيد شخص واحد هو الملك فقط .. لماذا ؟ ..
لأن الدستور الأردني ترك الباب مواربا في هذه القضية ، ولكنها مواربة هي أيضا من صلاحيات الملك ، فالمادة 34 من الدستور ، وفي البند الثاني منها ما نصه : " الملك يدعو مجلس الأمة إلى الإجتماع ويفتتحه ويؤجله ويفضه وفق أحكام الدستور ".
وبرغم تقييد هذا الأمر بالدستور ، الذي جعل مدة مجلس النواب أربع سنوات ، فإن البند الثالث من نفس المادة يقول : " للملك أن يحل مجلس النواب " وجاءت العبارة هنا مفتوحة وغير مقيدة .
وبناء على هذا الأمر ، فإن بقاء مجلس النواب السابع عشر حتى استكمال مدته الدستورية " أربع سنوات " أمر محتمل ، ودستوري ، وكذلك فإن حل المجلس هو أمر مناط بالملك وهو أيضا أمر محتمل ودستوري .
ولكل ما سبق : فإن الذين افتوا بوجوب بقاء المجلس حتى انتهاء سنواته الشمسية الأربع محقون ، والذين أفتوا بحله مصيبون كذلك ، والقضية برمتها تتعلق بإرادة ملكية فقط .
باختصار : لا يعلم ماذا يدور في ذهن الملك إلا جلالته فقط ، وإذا أراد أحد أن يحلل القادم من الأيام فما عليه سوى رصد تصريحات أو خطوات القصر بهذا الإتجاه ، ومنها يمكن أن يستشف " احتمالات " .. أما ما دون ذلك فإن كل من يفتي بناء على الدستور والسنوات الأربع فقط يكون " يهرف بما لا يعرف " .
د. فطين البداد