الموازنة العامة والعطار ونواب الأردن
سأكون صريحا هذه المرة وأتحدث بلغة غير اقتصادية وبغير مصطلحات ، لكي يفهم النواب ، أو جلهم ، أو بعضهم إن شئتم ، أن مشروع قانون الموازنة العامة الذي يناقشونه ليس سوى أمر حتمي لا مجال للفكاك منه أو تحريك أي من بنوده .
سمعنا في مداخلات أولية قبيل مناقشة مشروع القانون اقتراحات بعضها يتحدث عن زيادة الرواتب ، وآخرون عن ضبط نفقات ، والبعض الآخر عن تحريك بعض البنود في اتجاه حقول بعينها ، ولكن الحقيقة أن هذه الموازنة ملزمة ، وأقول ملزمة ، لأنه لا بديل عن مجملها إلا ببضعة مئات من ملايين الدنانير لا تتعدى الثلاثمئة بإمكان النواب اللعب حولها تخفيضا بالطبع .
إذا أراد النواب الأجلاء موازنة أخرى ، فإن عليهم أن يجدوا حلا لمعضلات أمام وزير المالية لا يملك الفكاك منها ، ومنها الرواتب والرواتب التقاعدية المدنية والعسكرية وخدمة الدين " فوائد " ومخصصات الأمن والجيش ونفقات رأسمالية حتمية بالإضافة لما تتكبده الموازنة بسبب دعم صناديق مجتمعية وقطاعات صارمة لا يمكن المساس بها .
وإذا حسبنا المبالغ التي تحدثنا عنها آنفا ، فإنها ، تشكل ما فوق التسعين بالمئة ، فماذا يعني هذا ؟؟ .
يعني أن وزير المالية مقيد بأرقام محسومة ، وكما قلنا ، ليس من سبيل للخلاص منها أو حتى مجرد تحريكها إلا في الهامش المذكور .
إن على النواب أن لا يموجوا ويهيجوا ضد الموازنة ، فليس بالإمكان أكثر مما كان ، وهذا هو واقع اقتصاد بلد قلنا أكثر من مرة إن المديونية تصل إلى 93 % من دخله .
أما الإيرادات فجلها محلي ، وما أدراك ما محلي ، وها هو وزير المالية نفسه كشف فحواها بقوله عبر برنامج تلفزيوني ما نصه : " تغطي الإيرادات المحلية 90 بالمئة من النفقات الجارية في السنة المقبلة، لترتفع بعدها إلى 96 بالمئة في العام 2018 وتتعادل في العام 2019 بحيث تغطي الإيرادات المحلية كامل النفقات الجارية لنصل إلى درجة الاعتمادية الكاملة وبنسبة 100 بالمئة ".
يعني لا مجال إلا بالإرتفاعات بمختلف أشكالها وألوانها ، ولأجل ذلك أختم بهمسة في آذان النواب :
أقبلوا بمشروع القانون لأن العطار لن يصلح ما أفسده الدهرُ .
د.فطين البداد