قانون مرتقب لوسائل التواصل الإجتماعي .. ؟
يبدو أن سن قانون لوسائل التواصل الإجتماعي في الأردن بات ضرورة " حكومية " عربية نظرا للحاجة الملحة لهذا القانون بعد أن كثرت الشكاوي من اغتيال الشخصيات والإساءة للأفراد وغير ذلك من مبررات أبرزها مكافحة الإرهاب .
وإذا كان سن مثل هذا القانون فرضته ظروف موضوعية بسبب اعتماد الإرهابيين على شبكة التواصل لإيصال أفكارهم ومعتقداتهم وبث الكراهية والفرقة في المجتمعات ، فإن معالجة مثل هذه القضايا تم حسمها في الأردن من خلال قانون الجرائم الألكترونية وغيره حيث تنص مواد عدة على معاقبة كل من يفعل ذلك أو يرتكب إساءة للآخرين بطرق شتى .
إذن : فإن سن قانون لوسائل التواصل الإجتماعي في الأردن بات ترفا من نوع ما ، ويجيء ضمن هدف تحسين صورة الأردن أمام العالم والتأكيد على مكافحتنا للإرهاب الأعمى الذي لم ننج منه كشأن بقية الدول التي طالها ، ولكن الخشية من أن ينقلب الأمر تصيدا .
وإذا كنت شخصيا ، وعبر أكثر من مقال من أشد الداعين لسن قانون يضمن كرامة الأفراد والمجتمعات ويحفظ الأمن والسلم الأهلي ، إلا أنني ، وفي نفس الوقت ، ضد سلب الناس حرياتهم الشخصية في التعبير عن آرائهم بموضوعية وبصراحة وبدون إساءة في القضايا غير المتعلقة بالإرهاب من مثل قضايا الفساد والفاسدين ، ولذلك فإن مثل هذا القانون سيكون سيفا مصلتا على رقاب الرأي العام .
كان يفترض بالحكومة ، وبدلا من سن مثل هذا القانون الذي عولجت أسبابه بقانون نافذ الآن ، أقول : كان يفترض بها أن تفعل قانونا آخر لم يتم تفعيله وموجود في الأدراج منذ العام 2011 ، وهو قانون حق الحصول على المعلومة .
كما وأن هناك أمرا آخر يتعلق بتوقيف الصحفيين بقضايا النشر ، فهل تستمر حكومة الدكتور الملقي في إنفاذ وعدها الذي قطعته قبل أسابيع بوقف مثل هذه الإجراءات إذا كان سبب التوقيف مادة صحفية غير مسيئة ولكن اختلف عليها ولم يبت فيها القضاء بعد ؟؟ .
إن سن قانون لوسائل التواصل الإجتماعي ضروري ومهم ومطلب عام ، ولكن في حالة واحدة : ان لا يكون في الأردن قانون يعالج النشر الألكتروني ، أما وقد أنفذنا قانونا بهذا الصدد ، فإنني أعيد التأكيد على أن هذا الأمر خطأ ، ولسوف يكون ضد الحريات وضد مكافحة الفساد وضد الحق الدستوري في التعبير عن الرأي في بلد بأمس الحاجة لأن تشترك كل وجهات النظر في حمل أعبائه وهمومه ، ونخشى بأن يكون مثل هذا القانون ضد ذلك كله .
حمى الله الأردن .
د.فطين البداد